كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 230 """"""
وكان مقتل سائب خاثر بالمدينة يوم الحرة . قال : وكان يخشى على نفسه من أهل الشام . فخرج إليهم وجعل يقول : أنا مغنٍ ، ومن حالي ومن قصتي كيت وكيت ، وقد خدمت أمير المؤمنين يزيد وأباه قبله . فقالوا له : إن لنا ، ففعل . فقام أحدهم فقال : أحسنت والله ، ثم ضربه بالسيف فقتله . وبلغ يزيد خبره ومر به أسمه في أسماء من قتل فلم يعرفه وقال : من سائب خاثر ؟ فعرف به ، فقال : ويله ما له وما لنا ألم نحسن إليه ونصله ونخلطه بأنفسنا فما الذي حمله على عداوتنا لا جرم أن بغيه علينا صرعه . وقيل : إنه لما بلغه قتله قال : إنا لله أو بلغ القتل إلى سائب خاثر وطبقته ما أرى أنه بقي بالمدينة أحد ، وقال . فبحكم الله يأهل الشام تجدهم وجدوه في حائط أو حديقة مستترا فقتلوه . وقد قيل : إنه تقدم يوم الحرة وقاتل حتى قتل . والله أعلم .
ذكر أخبار طويس
هو عيسى بن عبد الله . وكنيته أبو عبد المنعم ، وغيرها المخنثون فقالوا : أبو عبد النعيم . وطويس لقبٌ غلب عليه ، وقيل : أسمه طاوس ، مولى بني مخزوم . وكان أيضا يلقب بالذائب ؛ لأنه غنى :
قد براني الحبّ حتى . . . كدت من وجدت أذوب
وهذا أول غناء غناه وهزجٍ هزجه . وقد ضرب المثل به في الشؤم فقالوا : أشأم من طويس لأنه ولد يوم مات رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وفطم يوم مات أبو بكر رضي الله عنه ، وختن يوم مات عمر رضي الله عنه ، وتزوج يوم قتل عثمان ، وولد له يوم مات علي بن أبي طالب رضي الله عنه . وكان مخنثا أحول طويلا ؛ وقيل : إنه ولد ذاهب العين اليمني . قالوا : وكانت أمه تمشي بين نساء الأنصار بالنمائم . وطويس أول من صنع الهزم والرمل في الإسلام ، وكان الناس يضربون به المثل فيقولون : أهزج من طويس . وكان لا يضرب بالعود وإنما ينقر بالدف . وكان ظريفا عالما بأمر المدينة وأنساب أهلها .

الصفحة 230