كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 232 """"""
الكتاب ؛ فقال : والله ما معي بناتها ، أو ما أقرأ البنات فكيف أقرأ أمهن فقال : أتهزأ لا أم لك فأمر به فقتل ببطحان ، وقال : من جاءني بمخنث فله عشرة دنانير . فأتي طويس وهو في بني الحارث بن الخزرج فأخبر بمقالة مروان ؛ فقال : أما فضلني الأمير عليهم بفضلٍ حتى جعل في وفيهم شيئا واحدا . ثم خرج حتى نزل السويداء على ليلتين من المدينة في طريق الشام فنزلها ، فلم يزل بها بقية عمره . وعمر حتى مات في ولاية الوليد بن عبد الملك . ثم ساق الأصفهاني هذه القصة في موضع آخر بسند آخر قال : خرج يحيى بن الحكم وهو أمير على المدينة ، فبصر بشخص في السبخة مما يلي مسجد الأحزاب ؛ فلما نظر إلى يحيى جلس ؛ فاستراب به ، فوجه إليه أعوانه ، فأتي به كأنه أمرأة في ثياب مصبغة مصقولة وهو ممتشط مختضب . فقال له أعوانه : هذا أبن نغاشٍ المخنث . فقال : ما أحسبك تقرأ من كتاب الله تعالى شيئا اقرأ أم القرآن ؛ فقال : لو عرفت أمهن عرفت البنات . فأمر به فضربت عنقه . وساق نحو ما تقدم ، إلا أنه قال : جعل في كل مخنث ثلثمائة درهم .
وحكى أيضا بسند رفعه إلى صالح بن كيسان وغيره : أن أبان بن عثمان لما أمره عبد الملك على الحجاز أقبل ، حتى إذا دنا من المدينة تلقاه أهلها وخرج إليه أشرافها ، فخرج معهم طويس . فلما رآه سلم عليه ، ثم قال له : أيها الأمير ، إني كنت قد أعطيت الله تعالى عهداً إن رأيتك أميراً لأخضبن يدي إلى المرفقين ثم أزدو بالدف بين يديك . ثم أبدي عن دفه وتغني بشعر ذي جدنٍ الحميري :
ما بال أهلك يا رباب . . . خزراً كأنهم غضاب
فطرب أبان حتى كاد يطير ، ثم جعل يقول : حسبك يا طاوس ولم يقل له طويس لنبله في عينه ثم قال له : أجلس ، فجلس . فقال له أبان : قد زعموا أنك كافر . فقال له : جعلت فداءك والله إني لأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأصلي الخمس وأصوم رمضان وأحج البيت . قال : أفأنت أكبر أم عمرو بن عثمان ؟ وكان عمرو أخا أبان لأبيه وأمه فقال طويس : جعلت فداءك أنا