كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 252 """"""
فقالت وهي مبتسمة : نعم وقد وجب حقك يا غريض ، فغنني ؛ فغنيتها :
يا دهر قد أكثرت فجعتنا . . . بسراتنا ووقرت في العظم
وسلبتنا ما لست مخلفه . . . يا دهر ما أنصفت في الحكم
لو كان لي قرنٌ أناضله . . . ما طاش عند حفيظةٍ سهمي
لو كان يعطى النّصف قلت له . . . أحرزت قسمك فاله عن قسمي
فقالت : نعطيك النصف فلا يضيع سهمك عندنا ونجزل لك قسمك ، وأمرت له بخمسة آلاف درهم وثياب عدنيةٍ وغير ذلك من الألطاف . قال الغريض : فأتيت الحارث بن خالد فأخبرته الخبر وقصصت عليه القصة ؛ فأمر لي بمثل ما أمرتا لي جميعا ؛ وأتيت أبن أبي ربيعة فأعلمته بما جرى ، فأمر لي بمثل ذلك . فما أنصرف أحدٌ من ذلك الموسم بمثل ما أنصرفت به : نظرة من عائشة ، ونظرة من عاتكة وهما أجمل نساء عالمهما وبما أمرتا لي به ، والمنزلة عند الحارث وهو أمير مكة وأبن أبي ربيعة وما أجازاني به جميعا من المال .
ولنصل هذا الفصل بشيء من أخبار عائشة بنت طلحة ؛ لأن الشيء بالشيء يذكر . هي عائشة بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم . وأمها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه . وكانت عائشة لا تستر وجهها من أحد . فعاتبها مصعب في ذلك فقالت : إن الله تبارك وتعالى وسمني بميسم جمال أحببت أن يراه الناس ويعرفوا فضلي عليهم فما كنت لأسترهن ووالله ما في وصمةٌ يقدر أن يذكرني بها أحد .
قال أبو الفرج الأصبهاني : وكانت شرسة الخلق ، وكذلك نساء بني تيم ، هن أشرس خلق الله خلقا وأحظاهن عند أزواجهن . قال : وآلت عائشة من