كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 253 """"""
زوجها مصعب بن الزبير ، فقالت : أنت علي كظهر أمي ، وقعدت في غرفةٍ وهيأت ما يصلحها . فجهد مصعبٌ أن تكلمه فأبت . فعبث إليها أبن قيس الرقيات فسألها كلامه . فقالت : كيف بيميني ؟ فقال : ها هنا الشعبي فقيه أهل العراق فأستفتيه . فدخل الشعبي عليها فأخبرته ؛ فقال : ليس هذا بشيء ؛ فأمرت له بأربعة آلاف درهم .
وحكى أبو الفرج أن مصعب بن الزبير لما عزم على زواج عائشة بنت طلحة ، جاء هو وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وسعيد بن العاص إلى عزة الميلاء وكانت عزة هذه يألفها الأشراف وغيرهم من أهل المروءات ، وكانت من أظرف الناس وأعلمهم بأمور النساء فقالوا لها : إنا خطبنا فأنظري لنا . فقالت لمصعب : يا أبن أبي عبد الله ، ومن خطبت ؟ قال : عائشة بنت طلحة . قالت : فأنت يا أبن أبي أحيحة ؟ قال : عائشة بنت عثمان بن عفان . قالت : فأنت يا أبن الصديق ؟ قال : أم الهيثم بنت زكريا بن طلحة . فقالت : يا جارية ، هاتي منقلي تعني خفيا ، فلبستهما وخرجت ومعها خادمٌ لها ، فبدأت بعائشة بنت طلحة ، فقالت : فديتك ، كنا في مأدبة أو مأتم لقريش ، فتذاكروا جمال النساء وخلقهن فذكروك فلم أدر كيف أصفك ، فديتك ، فألقي ثيابك ؛ ففعلت فأقبلت وأدبرت فأريج كل شيء منها . فقالت لها عزة : خذي ثوبك . فقالت عائشة : قد قضيت حاجتك وبقيت حاجتي . فقالت عزة : وما هي ؟ فديتك قالت : تغنيني صوتا . فأندفعت تغني لحنها في شعرٍ لجميل بن عبد الله بن معمر العذري :
خليليّ عوجا بالمحلّة من جمل . . . وأترابها بين الأصيفر فالحبل
نقفٌ بمغانٍ قد عفا رسمها البلي . . . تعاقبها الأيام بالرّيح والوبل

الصفحة 253