كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 255 """"""
غيره ، ولدت له عمران وبه كانت تكنى ، وعبد الرحمن وأبا بكر وطلحة ونفيسة ، ولكل من هؤلاء عقبٌ . وأنا من عقب طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر من ولده ليث ابن طلحة . وليس هذا موضع سرد نسبي فأسرده . قال أبو الفرج : وصارمت عائشة بنت طلحة زوجها عبد الله بن عبد الرحمن وخرجت من داره مغضبة تريد عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها . فرآها أبو هريرة فسبح الله تعالى وقال : كأنها من الحور العين . فمكثت عند عائشة قريبا من أربعة أشهر . وكان عبد الله قد آلى منها ؛ فأرسلت عائشة إليه : إني أخاف عليك الإيلاء ؛ فضمها إليه وكان مولياً منها . فقيل له : طلقها ؛ فقال :
يقولون طلّقها لأصبح ثاوياً . . . مقيماً عليّ الهمّ ، أحلام نائم
وإنّ فراقي أهل بيت أحبّهم . . . لهم زلفةٌ عندي لإحدى العظائم
وتوفي عبد الله بعد ذلك وهي عنده ، فما فتحت فاها عليه ؛ وكانت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تعد هذا عليها في ذنوبها التي تعددها . ثم تزوجها بعده مصعب بن الزبير ، فمهرها خمسمائة ألف درهم وأهدى لها مثل ذلك .
وكانت عائشة تمتنع على مصعب في غالب الأوقات . فحكى أنه دخل عليها يوما وهي نائمة ومعه ثماني لؤلؤات قيمتها عشرون ألف دينار ، فأنبهها ونثر اللؤلؤ في حجرها . فقالت : نومتي كانت أحب إلي من هذا اللؤلؤ . ولم تزل حالها معه على مثل ذلك حتى شكا ذلك إلى كاتبه أبن أبي فروة . فقال له : أنا أكفيك هذا إن أذنت لي . قال : نعم افعل ما شئت . فأتاها ليلاً ومعه أسودان فأستأذن عليها . فقالت : أفي مثل هذه الساعة ؟ قال نعم ؛ فأذنت له فدخل . فقال للأسودين : أحفرا ها هنا بئرا . فقالت له جاريتها : وما تصنع بالبئر ؟ قال : شؤم مولاتك ، أمرني هذا الظالم أن أدفنها حية ، وهو أسفك خلق الله لدمٍ حرام . قالت عائشة : فأنظرني أذهب إليه ؛ قال : هيهات لا سبيل إلى ذلك ، وقال للأسودين : أحفرا . فلما رأت الجد منه بكت وقالت : يا أبن أبي فروة ، إنك لقاتلي ما منه بد ؟ قال : نعم ، وإني لأعلم أن الله عز