كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 258 """"""
ومن أخبار عائشة بنت طلحة أيضا ما رواه أبو الفرج الأصفهاني بسنده إلى يزيد أبن عياض ، قال : استأذنت عاتكة بنت يزيد بن معاوية عبد الملك في الحج ، فأذن لها وقال : أرفعي حوائجك وأستظهري ، فإن عائشة بنت طلحة تحج ، ففعلت وتجهزت بهيئة جهدت فيها . فلما كانت بين مكة والمدينة إذا موكبٌ قد جاء فضغطها وفرق جماعتها ؛ فقالت : أرى هذه عائشة بنت طلحة ، فسألت عنها ، فقالوا : هذه جاريتها . ثم جاء موكب آخر أعظم من ذلك ، فقالوا : عائشة عائشة ، فضغطهم فسألت عنها ، فقالوا : هذه ما شطتها . ثم جاءت مواكب على هذا لحاشيتها ، ثم اقبلت في ثلثمائة راحلة عليها القباب والهوادج ؛ فقالت عاتكة : ما عند الله خير وأبقى . قال : ووفدت عائشة بنت طلحة على هشام بن عبد الملك ، فقال لها : ما أوفدك ؟ قالت : حبست السماء مطرها ومنع السلطان الحق . قال : فأنا أصل رحمك وأعرف حقك . ثم بعث إلى مشايخ بني أمية فقال : إن عائشة عندي فأسمروا عندي الليلة فحضروا ؛ فما تذاكروا شيئا من أخبار العرب وأشعارها وآثارها إلا أفاضت معهم فيه ، وما طلع نجمٌ ولا غار إلا أسمته . فقال لها هشام : أما الأول فلا أنكره ، وأما النجوم فمن أين لك ؟ قالت : أخذته عن خالتي عائشة رضي الله عنها ؛ فأمر لها بمائة ألف درهم وردها إلى المدينة .
قال : ولما تأيمت عائشة كانت تقيم بمكة سنة وبالمدينة سنة ، وتخرج إلى مال لها بالطائف عظيم وقصرٍ لها هناك فتتنزه وتجلس فيه بالعشيات ، فتتناضل بين يديها الرماة . فمر بها النميري الشاعر ، فسألت عنه فأنتسب لها ؛ فقالت : أئتوني به ، فجيء به . فقالت له : أنشدني مما قلت في زينب ؛ فأمتنع وقال : بنت عمي وقد صارت عظاما بالية . قالت : أقسمت عليك لما فعلت ؛ فأنشدها قوله :
نزلن بفخٍّ ثم رحن عشيّةً . . . يلبيّن للرحمن معتمرات

الصفحة 258