كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 259 """"""
يخمّرن أطراف الأكفّ من التّقى . . . ويخرجن جنح اللّيل معتجرات
ولما رأت ركب النّميريّ راعها . . . وكنّ من أن يلقينه حذرات
تضوع مسكا بطن نعمان أن مشت . . . به زينبٌ في نسوةٍ خفرات وزينب هذه هي زينب بنت يوسف الثقفي أخت الحجاج ، وكان النميري يهواها ويشبب بها ، وله معها أخبارٌ يطول شرحها ليس هذا موضع إيرادها قال : فقالت له عائشة لما أنشدها هذا الشعر : والله ما قلت إلا جميلا ، ولا وصفت إلا كرما وطيباً ودينا وتقىً ، أعطوه ألف درهم . فلما كانت الجمعة الأخرى تعرض لها ، فقالت : علي به ؛ فجاء فقالت له : أنشدني من شعرك في زينب ؛ قال : فأنشدك من قول الحارث فيك . فوثب مواليها إليه ، فقالت : دعوه فإنه أراد أن يستقيد لأبنة عمه ، هات ؛ فأنشدها :
ظعن الأمير بأحسن الخلق . . . وغدا بلبّك مطلع الشرق
وتنوء تثقلها عجيزتها . . . نهض الضعيف ينوء بالوسق
ما صبّحت زوجاً بطلعتها . . . إلا غدا بكواكب الطّلق
بيضاء من تيم كلفت بها . . . هذا الجنون وليس بالعشق
فقالت : والله ما ذكر إلا جميلا ، ذكر أني إذا صبحت زوجا بوجهي غدا بكواكب الطلق ، وأني غدوت مع أمير تزوجني إلى الشرق ، أعطوه ألف درهم وأكسوه حلتين ولا تعد لإنياننا يا نميري ؛ والله أعلم ولنرجع إلى أخبار المغنين .
ذكر أخبار محمد بن عائشة
يكنى أبا جعفر ولم يكن له أبٌ يعرف فنسب إلى أمه ؛ وكان يزعم أن أسم أبيه جعفر . وعائشة أمه مولاةٌ لكثير بن الصلت الكندي حليف قريش ، وقيل : هي مولاة