كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 260 """"""
لآل المطلب بن أبي وداعة السهمي . وقال أبن عائشة وقد سأله الوليد بن يزيد فقال : يا محمد ألبغيةٍ أنت ؟ : كانت أمي يا أمير المؤمنين ماشطةً وكنت غلاما ، وكانت إذا دخلت إلى موضع قالت : أرفعوا هذا لأبن عائشة ، فغلبت على نسبي . قالوا : وكان أبن عائشة يفتن كل من سمعه ، وكان فتيان من المدينة قد فسدوا في زمانه بمحادثته ومجالسته . وأخذ عن معبد ومالك بن أبي السمح ، ولم يموتا حتى ساواهما على تقديمه لهما وأعترافه بفضلهما . وكان تياهاً سيئ الخلق ، إن قال له إنسان : تغن قال : ألمثلي يقال هذا فإن غنى وقال له إنسان : أحسنت ، سكت ؛ فكان قليلا ما ينتفع به .
وكان أبن عائشة منقطعاً إلى الحسن بن الحسن ، وكان الحسن مكرما له . فسأله الحسن أن يخرج معه إلى البغيبغة ، فأمتنع أبن عائشة ، فأقسم عليه وأظهر الجد . فلما عاين ما ظهر عليه قال : أخرج طائعا لا كارها ؛ فأمر له ببغلة فركبها ومضيا إلى البغيبغة ، فنزلا الشعب ثم أكلوا . وقال له : غنني ، فأندفع فغناه صوتا فأستحسنه . فقال ابن عائشة : والله لا غنيتك في يومي هذا شيئا . فأقسم الحسن ألا يفارق البغيبغة ثلاثة أيام . فأغتم أبن عائشة ليمينه وندم . فلما كان في اليوم الثاني قال له : إن فقد برت يمينك ؛ فنظر إلى ناقةٍ تقدم جماعة إبلٍ فأندفع يغني :
تمرّ كجندلة المنجني . . . ق يرمي بها السّور يوم القتال
وهي أبيات لأمية بن أبي عائذ الهذلي يصف حمارا وحشياً ؛ والبيت يمر بالياء . وقيل : سال العقيق مرةً فدخل عرصة سعيد بن العاص الماء حتى ملأها ، فخرج الناس إليها ، وخرج أبن عائشة فجلس على قرن البئر . فبينما هم كذلك إذ طلع الحسن على بغلة ومعه غلامان أسودان ، فقال لهما : امضيا رويدا حتى تقفا بأصل القرن الذي عليه أبن عائشة ، ففعلا ذلك . ثم ناداه الحسن : كيف أصبحت يا بن عائشة قال : بخير . قال : أنظر من تحتك ، فنظر فإذا العبدان . قال : أتعرفهما ؟ قال

الصفحة 260