كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 28 """"""
النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فيستظرفنها ، ثم صارت تنقل أحاديث بعضهن إلى بعض ، وتغري بينهن . فدعا عليها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فماتت . وقد حكي عن أشعب : أنه جلس يوماً في مجلس فيه جماعة ، فتفاخروا وذكر كل واحد منهم مناقبه وشرفه أو شجاعته أو شعره وغير ذلك مما يتمدح به الناس ويتفاخرون ، فوثب أشعب وقال : أنا ابن أم الجلندح ، أنا ابن المحرشة بين أزواج النبي ( صلى الله عليه وسلم ) . فقيل له : ويلك أو بهذا يفتخر الناس قال : وأي افتخار أعظم من هذا لو لم تكن أمي عندهن ثقة لما قبلن روايتها في بعضهن بعضاً . وقد حكي : أنها زنت ، فحلقت ، وطيف بها على جمل ، فكانت تنادي على نفسها : من رآني فلا يزنين . فقالت لها امرأة : نهانا الله عز وجل عنه فعصيناه ، ونطيعك وأنت مجلودة محلوقة ، راكبة على جمل . ونشأ أشعب بالمدينة في دور آل أبي طالب ، وكفلته وتولت تربيته عائشة بنت عثمان . وعمر أشعب عمراً طويلاً . وحكي عنه أنه قال : كنت مع عثمان رضي الله عنه يوم الدار لما حصر ، فلما جرد مماليكه السيوف ليقاتلوا كنت فيهم ، فقال عثمان : من أغمد سيفه فهو حر . فلما وقعت في أذني كنت والله أول من أغمد سيفه فعتقت . وكانت وفاته بعد سنة أربع وخمسين ومائة . وهذا القول يدل على أنه كان مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه .
وقد روى أبو الفرج الأصفهاني بإسناد رفعه إلى إبراهيم بن المهدي عن عبيد ابن أشعب عن أبيه : أنه كان مولده في سنة تسع من الهجرة ، وأن أباه كان من مماليك عثمان بن عفان . وعمر أشعب حتى هلك في أيام المهدي . قال : وكانت في أشعب خلال ، منها : أنه كان أطيب أهل زمانه عشرة ، وأكثرهم نادرة ، وكان أقوم أهل دهره لحجج المعتزلة ، وكان امرأ منهم . وقال مصعب بن عبد الله : كان