كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 282 """"""
قال : فوالله ما ملكنا أنفسنا ، ورأيت الغلمان يضربون برءوسهم الحيطان والأساطين ، وأمر له الرشيد بعشرة آلاف دينار . وروى أبو الفرج بسنده إلى عبد الله بن علي بن عيسى بن ماهان قال : سمعت يزيد يحدث عن أم جعفر أنه بلغها أن الرشيد جالسٌ وحده وليس معه أحد من الندماء ولا المسامرين ، فأرسلت إليه : يا أمير المؤمنين ، إني لم أرك منذ ثلاث وهذا اليوم الرابع . فأرسل إليها : عندي أبن جامع . فأرسلت إليه : أنت تعلم أني لا أتهنأ بشرب ولا سماعٍ ولا غيرهما إلا أن تشركني فيه ، ما كان عليك أن أشركك في هذا الذي أنت فيه فأرسل إليها : إني صائرٌ إليك الساعة . ثم قام وأخذ بيد أبن جامع وقال للخادم : امض إليها وأعلمها أني قد جئت . وأقبل الرشيد ؛ فلما نظر إلى الخدم والوصائف قد أستقبلوه علم أنها قد قامت تستقبله ؛ فوجه إليها : إن معي أبن جامع ، فعدلت إلى بعض المقاصير . وجاء الرشيد وصير أبن جامع في بعض المواضع التي يسمع منه فيها ، ثم أمر أبن جامع فأندفع يغني :
ما رعدت رعدةً ولا برقت . . . لكنها أنشئت لنا خلقه
الماء يجري ولا نظام له . . . لو يجد الماء مخرقاً خرقه
بتنا وباتت على نمارقها . . . حتى بدا الصبح عينها أرقه
أن قيل إن الرحيل بعد غدٍ . . . والدّار بعد الجميع مفترقه
فقالت أم جعفر للرشيد : ما أحسن ما أشتهيت والله يا أمير المؤمنين ثم قالت لمسلم خادمها : ادفع إلى أبن جامع بكل بيت مائة ألف درهم . فقال الرشيد : غلبتينا يا أبنة أبي الفضل وسبقتينا إلى بر ضيفنا وجليسنا . فلما خرج حمل الرشيد إليها مكان كل درهم دينارا .
ذكر أخبار عمرو بن أبي الكنات
قال أبو الفرج الأصفهاني : هو أبو عثمان ، وقيل : أبو معاذ عمرو بن أبي الكنات ، مولى بني جمح . وهو مكيٌ مغن حسن الصوت ، من طبقة أبن جامع