كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 29 """"""
أشعب من القراء حسن الصوت بالقراءة ، وكان قد نسك وغزا ، وقد روى الحديث عن عبد الله بن جعفر . وقال الأصمعي : قال أشعب : نشأت أنا وأبي الزناد في حجر عائشة بنت عثمان ، فلم يزل يعلوا وأسفل حتى بلغنا هذه المنزلة . وقال إسحاق ابن إبراهيم : كان أشعب مع ملاحته ونوادره يغني أصواتاً فيجيدها . وفيه يقول عبد الله بن مصعب الزبيري عفا الله عنه :
إذا تمرزت صراحية . . . كمثل ريح المسك أو أطيب
ثم تغنى لي بأهزاجه . . . زيد أخو الأنصار أو أشعب
حسبت أني ملك جالس . . . حفت به الأملاك والموكب
وما أبالي وإله العلا . . . أشرق العالم أم غربوا
ولأشعب نوادر مستظرفة وحكايات مستحسنة ، وقد آن أن نذكرها . فمنها ما حكي أنه كان يقول : كلبي كلب سوء ، يبصبص للأضياف ، وينبح على أصحاب الهدايا . وقيل له : قد لقيت رجالاً من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فلو حفظت أحاديث تتحدث بها فقال : أنا أعلم الناس بالحديث . قيل فحدثنا : قال : حدثني عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهم قال : خلتان لا تجتمعان في مؤمن إلا دخل الجنة ، ثم سكت . فقيل له : هات ، ما الخلتان ؟ قال : نسي عكرمة إحداهما ونسيت أنا الأخرى . وكان أشعب يحدث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فيقول : حدثني عبد الله ، وكان يبغضني في الله . وكان أشعب يلازم طعام سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم .