كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 292 """"""
برؤياي إبراهيم الموصلي ؛ فقال لي : الشيخ بلا شك إبليس ، وقد عقد لواء صنعتك فانت ما حييت رئيس أهلها . وقال أحمد بن حمدون : غضب المعتصم على مخارق فأمر أن يجعل في المؤذنين ويلزمهم ففعل ذلك ؛ وأمهل حتى علم أن المعتصم يشرب ، فأذنت العصر ، فدخل إلى الستر حيث يقف المؤذن للسلام ، ثم رفع صوته جهده وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، الصلاة يرحمك الله . فبكى حتى جرت دموعه وبكى كل من حضر ، ثم قال : أدخلوه علي وأقبل علينا ؛ ثم قال : سمعتم هكذا قط ؟ هذا الشيطان لا يترك أحداً يغضب عليه ؟ . فدخل إليه فقبل الأرض بين يديه ؛ فدعاه المعتصم إليه فأعطاه يده فقبلها وأمره بإحضار عوده فأحضره ، وأعاده إلى مرتبته . وأخباره كثيرة ، وفيما أوردناه منها كفاية . وكانت وفاته في أول خلافة المتوكل ؛ وقيل : بل في آخر خلافة الواثق . وغنى خمسةً من الخلفاء : الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والواثق . رحمهم الله تعالى .
ذكر أخبار يحيى بن مرزوق المكي
هو أبو عثمان يحيى بن مرزوق المكي ، مولى بني أمية ، وكان يكتم ذلك لخدمته للخلفاء من بني العباس ؛ وكان إذا سئل عن ولائه أنتمى إلى قريش ، ولم يذكر البطن الذي ولاؤه له ، ويستعفى من يسأله عن ذلك .
قال الأصفهاني : وعمر يحيى المكي مائة وعشرين سنة ، وأصاب بالغناء ما لم يصبه أحدٌ من نظرائه ومات وهو صحيح العقل والسمع والبصر . وكان قدم مع الحجازيين الذين قدموا على المهدي في أول خلافته فبقي بالعراق . وكان أبن جامع وإبراهيم الموصلي وفليح يفزعون إليه في الغناء القديم فيأخذونه عنه ، ويعابي بعضهم بعضا بما يأخذونه منه . فإذا خرجت لهم الجوائز أخذوه منها ووفروا نصيبه . وله صنعة عجيبةٌ نادرة متقدمة . قال : وله كتاب في الأغاني ونسبها وأجناسها كبير جليل مشهور ، إلا أنه كالمطروح عند الرواة لكثرة تخليطه في رواياته ؛ والعمل على كتاب أبنه أحمد ،