كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 297 """"""
قال يزيد : فغنيته الشعر ، فقال : علي بعتبة فجاءت ؛ فقال : ما صنعت ؟ فقالت : ذكرت ذلك لمولاتي فكرهته وأبت أن تفعل ، فليفعل أمير المؤمنين ما يريد . قال : ما كنت لأفعل شيئا تكرهه . فأعلمت أبا العتاهية بذلك ، فقال :
قطّعت منك حبائل الآمال . . . وأرحت من حلّ ومن ترحال
ما كان أشأم إذ رجاؤك قاتلي . . . وبنات وعدك يعتلجن ببالي
ولئن طمعت لربّ برقة خلّبٍ . . . مالت بذي طمع ولمعة آل
وقد حكى أبو الفرج أيضا هذه الحكاية وأختصرها ، ولم يذكر الأبيات منها
أشربت قلبي من رجائك ما له
إلا أنه غير قوله : أشربت قلبي بقوله : أعلمت نفسي من رجائك . وقال : فصنع فيه يزيد لحناً وغناه المهدي . فدعا بأبي العتاهية وقال له : أما عتبة فلا سبيل إليها ، لأن مولاتها قد منعت منها ، ولكن هذه خمسون ألف درهم فأشتر ببعضها خيراً من عتبة فحملت إليه ، فأخذها وأنصرف .
وحكى عن حماد بن إسحاق قال : قال يزيد حوراء : كنت أجلس بالمدينة على أبواب قريش ، وكانت تمر بي جاريةٌ تختلف إلى الزرقاء تتعلم منها الغناء . فقلت لها يوما : افهمي قولي وردي جوابي وكوني عند ظني ؛ فقالت : هات ما عندك . فقلت : بالله ما أسمك ؟ فقالت : ممنعة . فأطرقت طيرةً من أسمها مع طمعي فيها ، ثم قلت : بل باذلةٌ ومبذولةٌ إن شاء الله فأسمعي مني . فقالت وهي تتبسم : إن كان عندك شيء فقل . فقلت :
ليهنك منّي أنّني لست مفشياً . . . هواك إلى غيري ولو متّ من كربي

الصفحة 297