كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 298 """"""
ولا مانحاً خلقاً سواك محبّةً . . . ولا قائلاً ما عشت من حبكم حسبي
فنظرت إلي طويلا ثم قالت : أنشدك الله ، أعن فرط محبة أم أهتياج غلمةٍ تكلمت ؟ فقلت : لا والله إلا عن فرط محبة . فقالت :
فوالله ربّ الناس لا خنتك الهوى . . . ولا زلت مخصوص المحبّة من قلبي
فثق بي فإني قد وثقت ولا تكن . . . على غير ما أظهرت لي يا أخا الحبّ
قال : فوالله لكأنما أضرمت في قلبي ناراً . فكانت تلقاني في الطريق الذي كانت تسلكه فتحدثني فأتفرج بها ؛ ثم أشتراها بعض أولاد الخلفاء ، وكانت تكاتبني وتلاطفني دهرا طويلا .
ذكر أخبار فليح بن أبي العوراء
هو رجل من أهل مكة مولى لبني مخزوم ، وهو أحد مغني الدولة العباسية ؛ له محلٌ كبير من صناعته ، وهو أحد الثلاثة الذي أختاروا المائة الصوت للرشيد التي بنى أبو الفرج الأصفهاني كتابه المترجم بالأغاني عليها . قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي : ما سمعت أحسن من غناء فليح وأبن جامع . وكان المهدي لا يغنيه مغن إلا من وراء الستارة إلا فليح فإن الستارة كانت ترفع بينه وبين المهدي . وهو أول مغن نظر وجه المهدي .
وروى أبو الفرج الأصفهاني عن يوسف بن إبراهيم عن إبراهيم بن المهدي قال : كتب إلي جعفر بن يحيى وأنا عامل الرشيد على جند دمشق : قد قدم علينا فليح بن أبي العوراء ، فأفسد علينا بأهزاجه وخفيفه كل غناءٍ سمعناه قبله . وأنا محتال لك في تخليصه إليك لتسمع منه كما أسمعنا . فلم ألبث أن ورد على فليحٌ بكتاب الرشيد يأمر له بثلاثة آلاف دينار ؛ فورد علي منه رجلٌ أذكرني لقاؤه الناس وأخبرني أنه

الصفحة 298