كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 299 """"""
قد ناهز المائة . فأقام عندي ثلاث سنين ، وأخذ جواري عنه كل ما كان معه من الغناء ، وأنتشر بعض غنائه بدمشق .
وروى أيضا بسنده إلى أحمد بن يحيى المكي عن فليح بن أبي العوراء قال : كان بالمدينة فتىً يعشق أبنة عم له ، فوعدته أنها تزوره ؛ وشكا إلي أنها تأتيه ولا شيء عنده ؛ فأعطيته دينارا للنفقة . فلما زارته قالت له : من يلهينا ؟ قال : صديقٌ لي ، ووصفني لها ؛ ودعاني فأتيته ؛ وكان أول ما غنيته :
من الخفرات لم تفضح أخاها . . . ولم ترفع لوالدها شنارا
فقامت إلى ثوبها فلبسته لتنصرف . فتعلق بها وجهد كل الجهد في أن تقيم فم تفعل وأنصرفت . فأقبل يلومني في أن غنيتها ذلك الصوت . فقلت : والله ما هو شيءٌ أعتمدت به مساءتك ولكنه شيء أتفق . قال : فلم نبرح حتى عاد رسولها ومعه صرة فيها ألف دينار ، فدفعها إلى الفتى وقال : تقول لك أبنة عمك : هذا مهري ، فادفعه إلى أبي وأخطبني ، ففعل وتزوجها .
ذكر أخبار إبراهيم الموصلي عفا الله عنه
هو إبراهيم بن ماهان بن ميمون ، وأصله من فارس ، ومولده في سنة خمس وعشرين ومائة بالكوفة ، ووفاته ببغداد في سنة ثمان وثمانين ومائة . قالوا : ومات ماهان وترك إبراهيم صغيراً ، فكفله آل خزيمة بن خازم ، فكان ولاؤه لبني تميم . وكان السبب في نسبه إلى الموصل أنه لما كبر وأشتد وأدرك صحب الفتيان وأشتهى الغناء وطلبه ؛ فاشتد أخواله بنو عبد الله بن دارم عليه في ذلك وبلغوا منه ، فهرب منهم إلى الموصل فأقام بها سنة ؛ فلما رجع إلى الكوفة قال له إخوانه من الفتيان : مرحباً بالفتى الموصلي ، فغلب عليه ثم أرتحل إلى الري في طلب الغناء ، فطال مقامه هناك ، وأخذ الغناء الفارسي والعربي .

الصفحة 299