كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 306 """"""
بقضيب على الدواة وألقي علي هذا الصوت :
نام الخليّون من همٍّ ومن سقمٍ . . . وبتّ من كثرة الأحزان لم أنم
يا طالب الجود والمعروف مجتهداً . . . اعمد ليحيى حليف الجود والكرم
قال : فأخذت الصوت وأحكمته . ثم قال لي : أنصرف إلى الوزير يحيى بن خالد فإنك تجد الناس على بابه قبل أن يفتح الباب ، ثم تجد الباب قد فتح ولم يجلس بعد ، فاستأذن عليه قبل أن يصل إليه أحدٌ ، فإنه ينكر مجيئك ويقول : من أين أقبلت في هذا الوقت ؟ فحدثه بقصدك إياي وما ألقيت إليك من خبر الضيعة وأعلمه أني قد صنعت هذا الصوت وأعجبني ولم أر أحداً يستحقه إلا جاريته فلانة ، وأني ألقيته عليك حتى أحكمته لتطرحه عليها ؛ فسيدعوها ويأمر بالستارة فتنصب ويوضع لها كرسي ويقول لك : اطرحه عليها بحضرتي ؛ فأفعل وأتني بما يكون بعد ذلك من الخبر . قال مخارق : فجئت إلى باب يحيى بن خالد فوجدته كما وصف . وسألني فأعلمته بما أمرني به ؛ ففعل كل شيء قاله لي إبراهيم وأحضر الجارية فألقيته عليها . ثم قال لي : تقيم عندنا يا أبا المهنأ أو تنصرف ؟ فقلت : بل أنصرف ، أطال الله بقاءك ، فقد علمت ما أذن لنا فيه . فقال يا غلام ، احمل مع أبي المهنأ عشرة آلاف درهم واحمل إلى أبي إسحاق مائة ألف درهم ثمن هذه الضيعة . فحملت عشرة الآلاف معي ، وأتيت منزلي وقلت : أسر يومي هذا وأسر من عندي . ومضى الرسول بالمال إلى إبراهيم ؛ فدخلت منزلي ونثرت على من عندي دراهم من تلك البدرة وتوسدتها وأكلت وشربت وطربت وسررت يومي كله . فلما أصبحت قلت : والله لآتين أستاذي ولأعرفن خبره ؛ فأتيته فوجدته كهيئته بالأمس ملى مثل ما كان عليه ، فترنمت وطربت فلم يتلق ذلك بما يجب ؛ فقلت : ما الخبر ؟ ألم يأتك المال بالأمس ؟ فقال : بلى ، فما كان خبرك أمس ؟ فأخبرته بما كان وقلت : ما تنتظر ؟ فقال : ارفع السجف ، فرفعته فإذا عشر بدر ؛ فقلت : فأي شيء بقي عليك في أمر الضيعة ؟ فقال : ويحك ما هو والله إلا أن دخلت منزلي حتى شححت عليها وصارت

الصفحة 306