كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 308 """"""
نال من هذه الدولة ما نلت فلم تبخل على نفسك بشيء تمنيته دهراً وقد ملكك الله أضعافه ثم قال : اجلس فخذ هذا الصوت . فألقي علي صوتا أنساني صوتي الأولين وهو :
أفي كلّ يومٍ أنت صبٌّ وليلةٍ . . . إلى أمّ بكرٍ لا تفيق فتقصر
أحبّ على الهجران أكناف بيتها . . . فيالك من بيت يحبّ ويهجر
إلى جعر سارت بنا كلّ جسرةٍ . . . طواها سراها نحوه والتهجّر
إلى واسع للمجتدين فناؤه . . . تروح عطاياه عليهم وتبكر
وهو شعر مروان بن أبي حفصة يمدح جعفر بن يحيى قال مخارق : ثم قال لي إبراهيم : هل سمعت مثل هذا قط ؟ فقلت : ما سمعت قط مثله فلم يزل يردده علي حتى أخذته ، ثم قال لي : امض إلى جعفر فافعل به كما فعلت بأبيه وأخيه . قال : فمضيت ففعلت مثل ذلك وأخبرته بما كان وعرضت عليه الصوت ؛ فسر به ودعا خادماً فأمره أن يضرب الستارة ، وأحضر الجارية وقعد على كرسي ؛ ثم قال : هات يا مخارق ؛ فألقيت الصوت عليها حتى أخذته ؛ فقال : أحسنت يا مخارق وأحسن أستاذك ، فهل لك في المقام عندنا اليوم ؟ فقلت : يا سيدي ، هذا آخر أيامنا ، وإنما جئت لموقع الصوت مني حتى ألقيته على الجارية . فقال : يا غلام ، احمل معه ثلاثين ألف درهم وإلى الموصلي ثلثمائة ألف درهم . فصرت إلى منزلي بالمال وأقمت ومن عندي مسرورين نشرب طول يومنا ونطرب . ثم بكرت إلى إبراهيم فتلقاني قائما ، ثم قال لي : أحسنت يا مخارق فقلت : ما الخبر ؟ قال : اجلس فجلست ؛ فقال لمن
الصفحة 308
319