كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 310 """"""
بي حادثةٌ أو بالجارية أو بالمشتري أو بك أعاذك الله من كل سوء ، فبادرت بقبول الثلاثين ألف دينار . فقال : لا ضير ، يا غلام جيء بجاريته ، فجيء بها ، فقال : خذ بيدها وأنصرف بارك الله لك فيها ، ما أردنا إلا منفعتك ولم نرد الجارية . فلما نهضت قال لي : مكانك ، إن رسول صاحب أرمينية قد جاءنا فقضينا حوائجه ونفذنا كتبه ، وقد ذكر أنه قد جاء بثلاثين ألف دينار يشتري لنا بها ما نحب ، فاعرض عليه جاريتك هذه ولا تنقصها من ثلاثين ألف دينار ؛ فأنصرفت بالجارية . وبكر علي رسول صاحب أرمينية ومعه صديقٌ لي آخر ، فقاولني بالجارية ؛ فقلت : لن أنقصها من ثلاثين ألف دينار . فقال لي : معي عشرون ألف دينار مسلمة خذها بارك الله لك فيها . فدخلني والله مثل الذي دخلني في المرة الأولى وخفت مثل خوفي الأول ، فسلمته وأخذت المال . وبكرت على الفضل ، فإذا هو وحده . فلما رآني ضحك وضرب برجله ثم قال : ويحك ، حرمت نفسك عشرة آلاف دينار . فقلت : أصلحك الله ، خفت والله مثل ما خفت في المرة الأولى . فقال : لا ضير ، أخرج يا غلام جاريته فجيء بها ؛ فقال : خذها ، ما أردناها وما أردنا إلا منفعتك . فلما ولت الجارية صحت بها : ارجعي فرجعت ؛ فقلت : أشهدك جعلت فداك هي حرة لوجه الله تعالى ، وإني قد تزوجتها على عشرة آلاف درهم ، كسبت لي في يومين خمسين ألف دينار فما جزاؤها إلا هذا . فقال : وفقت إن شاء الله تعالى .
وأخباره مع البرامكة كثيرةٌ وصلاتهم له وافرةٌ . وقد ذكرنا منها ما فيه غنيةٌ عن زيادة . فلنذكر وفاة إبراهيم . كانت وفاته ببغداد في سنة ثمان وثمانين ومائة ، ومات في يوم وفاته العباس بن الأحنف الشاعر ، وهشيمة الخمارة ؛ فرفع ذلك إلى الرشيد فأمر المأمون أن يصلي عليهم ، فخرج وصلى عليهم .
قال إسحاق : لما مرض إبراهيم مرض موته ركب الرشيد حمارا ودخل على إبراهيم يعوده وهو جالس في الأبزن ، فقال له : كيف انت يا إبراهيم ؟ فقال : أنا

الصفحة 310