كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 33 """"""
وجعل يميس ، وهما يخطان الأرض ، ثم قام فتطاول وتمدد وتمطى ، حتى صار كأطول ما يكون من الرجال . فضحك القوم حتى أغمي عليهم ، وقطع بالغاضري فما تكلم بنادرة ولا زاد على أن يقول : يا أبا العلاء ، لا أعاود ما تكره أبداً ، إنما أنا عبدك وتخريجك ، ثم انصرف أشعب وتركه .
وقال الزبير بن بكار : حدثني عمي ، قال : لقي أشعب صديق لأبيه ، فقال له : ويلك يا أشعب كان أبوك الحى وأنت أقط ، فإلى من خرجت تشبه ؟ قال : إلى أمي .
وقال الهيثم بن عدي : لقيت أشعب فقلت له : كيف ترى أهل زمانك هذا ؟ قال : يسألونني عن أحاديث الملوك ، ويعطونني عطاء العبيد .
وقال مصعب بن عثمان : لقي أشعب سالم بن عبد الله بن عمر ، فقال له : يا أشعب ، هل لك في هريس أعد لنا ؟ قال : نعم ، بأبي أنت وأمي . فمضى أشعب إلى منزله ، فقالت له امرأته : قد وجه عبد الله بن عمرو بن عثمان يدعوك ، قال : ويحك إن لسالم بن عبد الله هريسة قد دعاني إليها ، وعبد الله بن عمرو في يدي متى شئت ، وسالم إنما دعوته للناس فلتة ، وليس لي بد من المضي إليه . قالت : إذاً يغضب عبد الله . قال آكل عنده ثم أصير إلى عبد الله . فجاء إلى منزل سالم فجعل يأكل أكل متعالل . فقال له : كل يا أشعب ، وابعث ما فضل عنك إلى منزلك . قال : ذلك أردت ، بأبي أنت وأمي . قال : فقال : يا غلام ، احمل هذا إلى منزله ، فحمله ومشى أشعب معه . فقالت امرأته : ثكلتك أمك ، قد حلف عبد الله لا يكلمك شهراً ، قال : دعيني وإياه ، هاتي شيئاً من زعفران ، فأعطته ، فأخذه ودخل الحمام ، فمسحه على وجهه وبدنه ، وجلس في الحمام حتى صفره ، وخرج متوطأ على عصا يرعد حتى أتى دار عبد الله بن عمرو بن عثمان . فلما رآه حاجبه قال : ويحك بلغت بك العلة ما أرى . ودخل فأعلم صاحبه ، فأذن له . فلما دخل عليه ، إذا سلم بن عبد الله عنده ، فجعل يزيد في الرعدة ، ويقارب الخطو ، وجلس وما كاد