كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 34 """"""
أن يستقل . فقال عبد الله : ظلمناك يا أشعب في غضبنا عليك . فقال له سالم : ويلك مالك ؟ ألم تكن عندي آنفاً وأكلت هريسة قال : لقد شبه لك ، لا حول ولا قوة إلا بالله . قال : لعل الشيطان يتشبه بك . قال أشعب : علي وعلي إن كنت رأيتك منذ شهر . فقال له عبد الله : اعزب ويلك عن خالي أتبهته لا أم لك قال : ما قلت إلا حقاً . قال : بحياتي اصدقني وأنت آمن من غضبي . قال : وحياتك لقد صدق ، وحدثه بالقصة ، فضحك حتى استلقى على قفاه .
وقال المدائني والهيثم بن عدي : بعث الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان إلى أشعب بعد ما طلق امرأته سعدة ، فقال له : يا أشعب ، لك عندي عشرة آلاف درهم على أن تبلغ رسالتي إلى سعدة . فقال له : أحضر المال حتى أنظر إليه ، فأحضر الوليد بدرة ، فوضعها أشعب على عنقه ، وقال : هات رسالتك . قال : قل لها يقول لك :
أسعدة هل إليك لنا سبيل . . . وهل حتى القيامة من تلاق
بلى ولعل دهراً أن يؤاتى . . . بموت من حليلك أو طلاق
فأصبح شامتاً وتقر عيني . . . ويجمع شملنا بعد افتراق
قال : فأتى أشعب الباب فأخبرت بمكانه ، فأمرت ففرش لها فرش وجلست وأذنت له ، فدخل فأنشدها . فلما أنشد البيت الأول :
أسعدة هل إليك لنا سبيل . . . وهل حتى اليامة من تلاق
قالت : لا والله ، لا يكون ذلك أبداً . فلما أنشد البيت الثاني :
بلى ولعل دهراً أن يؤاتي . . . بموت من حليلك أو طلاق
قالت : كلا إن شاء الله ، بل يفعل الله ذلك به . فلما أنشد البيت الثالث :
فأصبح شامتاً وتقر عيني . . . ويجمع شملنا بعد افتراق قالت : بل تكون الشماتة به . ثم قالت لخدمها : خذوا الفاسق . فقال : يا سيدتي ، إنها عشرة آلاف درهم . قالت : والله لأقتلنك أو تبلغه كما بلغتني . قال : وما