كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 35 """"""
تهبين لي ؟ قاتل : بساطي الذي تحتي . قال : قومي عنه ، فقامت ، فطواه ، ثم قال : هاتي رسالتك ، جعلت فداك قالت : قل له :
أتبكي على لبنى وأنت تركتها . . . فقد ذهبت لبنى فما أنت صانع ؟
فأقبل أشعب ، حتى دخل على الوليد ، فأنشده البيت . فقال : أوه قتلتني والله فما تراني صانعاً بك يا ابن الزانية اختر إما أن أدليك منكساً في بئر ، أو أرميك من فوق القصر منكساً ، أو أضرب رأسك بعمودي هذا ضربة . قال له : ما كنت فاعلاً بي شيئاً من ذلك . قال : ولم ؟ قال : لأنك لم تكن لتعذب عينين قد نظرتا إلى سعدة قال : صدقت يا ابن الزانية وروى أبو الفرج الأصفهاني بإسناده إلى إبراهيم المهدي عن ابن أشعب عن أبيه ، قال : دعي ذات يوم بالمغنين إلى الوليد بن يزيد ، وكنت نازلاً معهم ، فقلت للرسول : خذني فيهم ، قال : لم أؤمر بك ، إنما أمرت بإحضار المغنيين ، وأنت بطال لا تدخل في جملتهم . فقلت له : أنا والله أحسن غناء منهم ، ثم اندفعت فغنيت . فقال : لقد سمعت حسناً ، ولكن أخاف . قلت : لا خوف عليك ، ولك من ذلك شرط . قال : وما هو ؟ قلت : كل ما أصبت فلك شطره ، فأشهد علي الجماعة ، ومضينا حتى دخلنا على الوليد ، وهو لقس النفس ، فغناه المغنون في كل فن فلم يتحرك ولم ينشط . فقام الأبجر إلى الخلاء ، وكان خبيثاً داهياً ، فسأل الخادم عن خبره ، فقال : بينه وبين امرأته شر ، لأنه عشق أختها فغضبت عليه ، وهو إلى أختها أميل ، وقد عزم على طلاقها ، وحلف ألا يذكرها أبداً بمراسلة أو مخاطبة ، فخرج على هذه الحال من عندها . فعاد الأبجر إلينا ، وجلس ثم اندفع يغني :
فبيني فإني لا أبالي وأيقني . . . أصعد باق حبكم أم تصوبا
ألم تعلمي أني عزوف عن الهوى . . . إذا صاحبي من غير شيء تغضباً
فطرب الوليد وارتاح ، وقال للأبجر : أصبت والله يا عبيد ما في نفسي ، وأمر له بعشرة آلاف درهم وشرب حتى سكر ، ولم يحظ أحد بشيء سوى الأبجر . فلما