كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 41 """"""
إليه ، فقل كما قال يوسف : " لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين " . فسرى عن المنصور وقال : قد أقلناك يا أبا دلامة ، فسل حاجتك . قال : يا أمير المؤمنين ، قد كان أبو العباس أمر لي بعشرة آلاف درهم وخمسين ثوباً وهو مريض ولم أقبضها . فقال المنصور : ومن يعلم ذلك ؟ قال : هؤلاء وأشار إلى جماعة ممن حضر فوثب سليمان بن مجالد وأبو الجهم فقالا : صدق أبو دلامة ، نحن نعلم ذلك . فقال المنصور لأبي أيوب الخازن وهو مغيظ : يا سليمان ادفعها إليه وسيره إلى ذا الطاغية يعني عبد الله بن علين ، وكان قد خرج بالشام وأظهر الخلاف فوثب أبو دلامة وقل : يا أمير المؤمنين ، أعيذك بالله أن أخرج معهم ، ووالله ما أحب أن يجرب ذلك مني على مثل هذا العسكر ، فإني لا أدري أيهما يغلب : يمنك أو شؤمي ، إلا أني بنفسي أوثق وأعرف وأطول تجربة . فقال : دعني وهذا ، فمالك من الخروج بد . قال : فإني أصدقك الآن ، شهدت والله تسعة عشر عسكراً كلها هزمت ، وكنت سببها ، فإن شئت الآن على بصيرة أن يكون عسكرك تمام العشرين فافعل . فضحك المنصور وأمره أن يتخلف مع عيسى بن موسى بالكوفة .
وعن جعفر بن حسين اللهبي قال : حدثني أبو دلامة قال : أتى بي المنصور أو المهدي وأنا سكران ، فحلف ليخرجني في بعث حرب ، فأخرجني مع روح بن حاتم المهلبي لقتال الشراة . فلما التقى الجمعان قلت لروح : أما والله لو أن تحتي فرسك ومعي سلاحك لأثرت في عدوك اليوم أثراً ترتضيه فضحك وقال : والله العظيم لأدفعن إليك ذلك ولآخذنك بالوفاء بشرطك ، فنزل عن فرسه ونزع سلاحه ودفع ذلك إلي ، وعاد بغيره فاستبدل به . فلما حصل ذلك في يدي قلت : أيها الأمير ، هذا مقام

الصفحة 41