كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 43 """"""
يكفيك قرنه كما كفيتك . وخرج آخر يدعو إلى البراز ، فقال لي : اخرج إليه ، فقلت :
إني أعوذ بروح أن يقدمني . . . إلى القتال فتخزى بي بنو أسد
إن البراز إلى الأقران أعلمه . . . مما يفرق بين الروح والجسد قد حالفتك المنايا إذا رصدت لها . . . وأصبحت لجميع الخلق كالرصد
إن المهلب حب الموت أرثكم . . . فما ورثت اختيار الموت عن أحد
لو أن لي مهجة أخرى لجدت بها . . . لكنها خلقت فرداً فلم أجد
قال : فضحك روح وأعفاني .
قال : وشرب أبو دلامة في بعض الحانات وسكر ، فمضى وهو يميل ، فلقيه العسس فأخذه ، فقيل له : من أنت ؟ وما دينك ؟ فقال :
ديني على دين بني العباس . . . ما ختم الطين على القرطاس
إذا اصطحب أربعاً بالكاس . . . فقد أدار شربها براسي
فهل بما قلت لكم من باس
فأخذوه وخرقوا ثيابه وساجه ، وأتي به إلى أبي جعفر ، فأمر بحبسه مع الدجاج في بيت . فلما أفاق جعل ينادي غلامه مرة وجاريته أخرى فلا يجيبه أحد ، وهو مع ذلك يسمع صوت الدجاج وزقاء الديك . فلما أكثر قال له السجان : ما شأنك ؟ قال : ويلك من أنت ؟ وأين أنا ؟ قال : قال : أنت في الحبس ، وأنا فلان السجان . قال : ومن حبسني ؟ قال : أمير المؤمنين . قال : ومن خرق طيلساني ؟ قال : الحرس . فطلب أن يأتيه بدواة وقرطاس ، ففعل فأتاه ، فكتب إلى أبي جعفر المنصور يقول :
أمير المؤمنين فدتك نفسي . . . علام حبستني وخرقت ساجي