كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 54 """"""
قال : وكان يختلف إلى رجل من بني تميم وكان يجري عليه في كل شهر عشرة دراهم ، فجاءه مرة فوجده قد أصيب بابنه ، فردته امرأته عنه ، ثم عاد بعد ذلك بيومين فردته عنه أيضاً ، فكتب إليه بيتي شعر ودفع الرقعة إليها وقال : أوصليها إليه ، فقرأها ، فإذا فيها :
ألا أبلغ لديك أبا هشام . . . فإن الريح أبردها الشمال
عداتك في الهلال عدات صدق . . . فهل سمنت كما سمن الهلال
فلما قرأ الرقعة أمر برده وقال : لقد سمنت وما بقي إلا الهزال إن تأخرت ، فأمر له بها وزادها خمسة دراهم .
وكان الأقيشر مع شرفه وشعره يرضيه اليسير ويسخطه . وأخباره كثيرة ونوادره مشهورة ، وفيما أوردناه منها كفاية . ومات الأقيشر قتيلاً . وقيل : إنه مدح عبد الله بن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله فلم يعطه شيئاً فهجاه ، فزعموا أن غلماناً لعبد الله بن إسحاق قتلوه ، فاجتمع بنو أسد وادعوا عليه قتل الأقيشر ، فافتدي منهم بديته . وقل ابن الكلبي : كان الأقيشر مولعاً بهجاء عبد الله بن إسحاق ومدح أخيه زكريا . فقال لغلمانه : ألا تريحونني منه فانطلقوا فجمعوا بعراً وقصباً بظهر الكوفة وجعلوه في وسط إرة ، وأقبل الأقيشر سكراناً من الحيرة على بغل أبي المضاء المكاري ، فأنزلوه عن البغل وشدوه رباطاً ثم وضعوه في تلك الإرة وألهبوا النار في القصب والبعر فمات ، ولم يعلم من قتله . والله أعلم .
ذكر شيء من نوادر ابن سيابة
هو إبراهيم بن سيابة مولى بني هاشم . كان يقال : إن جده حجام أعتقه بعض الهاشميين . قدمه إبراهيم الموصلي وابنه إسحاق لأنه مدحهما فرفعا من قدره وغنيا بشعره ونوها بذكره . وكان خليعاً ماجناً حسن النادرة . وله نوادر نذكر منها نبذاً فيما رواه أبو الفرج الأصفهاني . منها ما رواه عن إسحاق الموصلي قال : أتى إبرهيم ابن سيابة وهو سكران ابنا لسؤار بن عبد الله القاضي أمرد ، فعانقه وقبله ، وكانت معه