كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 57 """"""
قال : ومن هو ؟ قالت : مطيع بن إياس . قال : وأين هو ؟ قلت : بالكوفة ، فأمر أن يحمل إليه مع البريد ، فحمل إليه ، فسأله عن الشعر فقال : من يقول هذا ؟ فقال : عبدك أنا يا أمير المؤمنين . فقال له : أدن مني ، فدنا منه فضمه الوليد إليه وقبل فاه وبين عينيه ، وقبل مطيع رجليه والأرض بين يديه ، ثم أدناه حتى جلس في أقرب المجلس إليه ، واصطبح معه أسبوع متوالي الأيام على هذا الصوت . وكان في خلال الدولة الأموية ينقطع إلى أوليائها وعلمائها ، ثم انقطع في الدولة العباسية إلى جعفر ابن أبي جعفر المنصور فكان معه حتى مات جعفر . ومات مطيع في خلافة الهادي بعد ثلاثة أشهر مضت منها . وله نوادر وأخبار مستظرفة هذا موضع ذكرها ، فلنقتصر هاهنا من أخباره عليها دون غيرها .
قيل : سقط لمطيع حائط ، فقال له بعض أصحابه : أحمد الله على السلامة . قال : أحمد الله أنت إذ لم ترعك هدته ، ولم يصبك غباره ، ولم تغرم أجرة بنائه . ومن أخباره ما رواه أبو الفرج الإصفهاني بإسناده إلى عبد الملك المرواني عن مطيع بن إياس ، قال : قال لي حماد عجرد يوماً : هل لك أن أريك خشة صديقتي وهي المعروفة بظبية الوادي قلت : نعم . قال : إنك إن قعدت عندها وخبثت عينك في النظر أفسدتها علي . فقلت : لا والله لا أتكلم بكلمة تسوءك ولأسرنك . فمضى بي وقال : والله لئن خالفت ما قلت لأخرجنك . قال : قلت : إن خالفت إلى ما تكره فاصنع بي ما أحببت . قال : امض بنا فمضينا ، فأدخلني على أحسن خلق الله وأظرفهم وأحسنهم وجهاً . فلما رأيتها أخذني الزمع ، وفطن لي فقال : اسكت يا بن الزانية ، فسكت قليلاً ، فلحظتني ولحظتها لحظة أخرى فغضب ووضع قلنسوته على رأسه ، وكانت صلعته حمراء كأنها آست قرد ، فلما وضعها وجدت للكلام موضعاً ، فقلت :
وإن السوءة الوءا . . . ء يا حماد عن خشه