كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 59 """"""
قتلتني قتلك الله والله ما كلمتني حتى الساعة . قال : قلت : اللهم أدم هجرها له وسوء رأيها فيه وأسفه عليها وأغوه بها ، فشتمني ساعة . قال مطيع : ثم قلت له : قم امض بنا حتى أريك أختي - وكان لمطيع صديقة يسميها أختي وتسميه أخي ، وكانت مغنية - فلما خرجت إلينا ، دعوت قيمة لها فأسررت إليها في أن تصلح لنا طعاماً وشراباً ، وعرفتها أن الذي معي حماد فضحكت . ثم أخذت صاحبتي في الغناء وقد علمت بموضعه وعرفت ، فكان أول ما غنت :
أما بالله تستحي . . . ين من خلة حماد
فقال لها : يا زانية وأقبل علي وقال : وأنت يا زاني يا بن الزانية أسررت هذا إلى قيمتها فقلت : لا والله كذبت . وشاتمته صاحبتي ساعة ثم قامت فدخلت ، وجعل يتغيظ علي . فقلت : أنت ترى أني أمرتها أن تغني بما غنت ؟ فقال : أرى ذلك وأظنه ظناً والله ولكني أتيقنه . فحلفت له بالطلاق على بطلاه ظنه وانصرفنا .
وحكى قال يحيى بن زياد المحاربي لمطيع وكان صديقاً له : انطلق بنا إلى فلانة صديقتي ، فإن بيني وبينها مغاضبة لتصلح بيننا وبئس المصلح والله أنت . قال : فدخلا عليها ، فأقبلا يتعاتبان ومطيع ساكت ، حتى إذا أكثر قال يحيى : ما يسكتك ؟ أسكت الله نأمتك قال مطيع :
أنت معتلة عليه وما زا . . . ل مهيناً لنفسه في رضاك
فأعجب يحيى وهش له . فقال مطيع :
فدعيه وواصلي ابن إياس . . . جعلت نفسه الغداة فداك
فقام يحيى إليه بوسادة في البيت فما زال يجلد بها رأسه ويقول : ألهذا جئت بك يا بن الزانية ومطيع يغوث حتى مل يحيى ، والجارية تضحك منهما ، ثم تركه . وروي عن محمد بن الفضل السكوني قال : رفع صاحب الخبر إلى المنصور أن مطيع بن إياس زنديق وأنه يلازم ابنه جعفر وجماعة من أهل بيته ، ويوشك أن يفسد أديانهم أو ينسبوا إلى مذهبه . فقال له المهدي : أنا به عارف ، أما الزندقة فليس من