كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 60 """"""
أهلها ، ولكنه خبيث الدين فاسق مستحل للمحارم ، قال : فأحضره وانهه عن صحبة جعفر وسائر أهله ، فأحضره المهدي وقال له : يا خبيث يا فاسق لقد أفسدت أخي ومن تصحبه من أهلي ، والله لقد بلغني أنهم يتقارعون عليك ، ولا يتم لهم سرور إلا بك ، وقد غررتهم وشهرتهم في الناس ، ولولا أني شهدت لك عند أمير المؤمنين بالبراءة مما نسبت إليه من الزندقة ، لقد كان أمر بضرب عنقك يا ربيع اضربه مائة سوط واحبسه . قال : ولم يا سيدي ؟ قال : لأنك سكير خمير قد أفسدت أهلي كلهم بصحبتك . فقال له : إن أذنت لي وسمعت احتججت . فقال له : قل ، فقال : أنا امرؤ شاعر ، وسوقي إنما تنفق مع الملوك وقد كسدت عندكم ، وأن في أيامكم مطرح ، وقد رضيت منها مع سعتها للناس جميعاً بالأكل على مائدة أخيك ، لا يتبع ذلك غيره ، وأصفيته على ذلك شكري وشعري ، فإن كان ذلك غالياً عندك تبت منه . فأطرق المهدي ثم رفع رأسه فقال : قد رفع إلي صاحب الخبر أنك تتماجن على السؤال ، وتضحك منهم . قال : لا والله ما ذاك من فعلي ولا شأني ولا جرى مني قط إلا مرة واحدة ، فإن سائلاً أعمى اعترضني وقد عبرت الجسر على بغلتي ، فظنني من الجند فرفع عصاه في وجهي ، ثم صاح : اللهم سخر الخليفة لأن يعطي للجند أرزاقهم فيشتروا من التجار الأمتعة وتربح التجار عليهم فتدر أموالهم فتجب فيها الزكاة عليهم فيتصدقوا علي منها . فنفرت بغلتي من صياحه ورفعة عصاه في وجهي حتى كدت أسقط في الماء . فقلت : يا هذا ، ما رأيت أكثر فضولاً منك ، سل الله أن يرزقك ولا تجعل بينك وبينه هذه الحوالات والوسائط التي لا يحتاج إليها فإن هذه المسائل فضول . فضحك الناس منه ورفع علي في الخبر قولي له هذا . فضحك المهدي وقال : خلوه ولا يضرب ولا يحبس . فقال له : أدخل عليك لموجدة وأخرج عن رضا وتبرأ ساحتي وأنصرف بلا جائزة قال : لا يجوز هذا ، أعطوه مائتي دينار ، ولا يعلم أمير المؤمنين فتجدد عنده ذنوبه ، وقال له : اخرج عن بغداد ودع صحبة جعفر حتى ينساك أمير المؤمنين ، ثم عد إلي . فقال له : فأين أقصد ؟ قال : أكتب إلى سليمان بن علي فيوليك عملاً ويحسن إليك . قال : قد رضيت . فوفد إلى سليمان بكتاب المهدي فولاه الصدقة بالبصرة ، وكان عليها داود بن أبي هند فعزله به .
وأخباره في هذا الباب كثيرة أغضينا عن كثير منها .