كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 61 """"""
ذكر شيء من نوادر أبي الشبل
هو عاصم بن وهب بن البراجم . مولده الكوفة . نشأ وتأدب بالبصرة . وفد إلى سامراء أيام المتوكل ومدحه . وكان طيباً كثير الغزل والنوادر والمجون . فنفق عند المتوكل وخدمه واختص به وامتدحه بقوله :
أقبلي فالخير مقبل . . . واتركي قول المعلل
وثقي بالنجح إن . . . أبصرت وجه المتوكل
ملك ينصف يا ظا . . . لمتي فينا ويعدل
فهو الغاية والمأ . . . مول يرجوه المؤمل
فأمر له بثلاثين ألف درهم . وله أخبار مستظرفة تتضمن شعراً ونوادر تدل على ظرفه سنذكر منها طرفاً . فمن ذلك ما حكي عنه : أنه مدح مالك بن طوق ، وقدر أن يعطيه ألف درهم . فبعث إليه بصرة مختومة فيها مائة دينار ، فظن أنها دراهم فردها إليه وكتب معها :
فليت الذي جادت به كف مالك . . . ومالك مدسوسان في است أم مالك
وكان إلى يوم القيامة في استها . . . فأيسر مفقود وأيسر هالك
وكان مالك يومئذ أميراً على الأهواز . فلما قرأ الرقعة أمر بإحضاره وقال : ما هذا ؟ ظلمتنا واعتديت علينا . فقال : قدرت عندك ألف درهم فوصلتني بمائة درهم . فقال : افتحها ، ففتحها فإذا فيها مائة دينار ، فقال : أقلني أيها الأمير . فقال : قد أقلتك ولك كل ما تحب أبداً ما بقيت وقصدتني .
قال : وكان له جار طبيب أحمق ، فمات فرثاه فقال :
قد بكاه بول المريض بدمع . . . واكف فوق مقلتيه ذروف

الصفحة 61