كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 64 """"""
عليه الأيمان على ذلك . فمضى الرسول فهجم عليه فوجده يريد أن يدخل الخلاء ، فقال له : أجب الأمير . فقال : ويحك إني أكلت طعاماً كثيراً وشربت نبيذاً حلواً وأخذني بطني . فقال : والله ما تفارقني أو أمضي بك إليه ولو سلحت في ثيابك . فجهد في الخلاص فلم يقدر عليه . ومضى به ، فوجده قاعداً في طارمة له وجارية جميلة جالسة ين يديه ، وكان يتحظاها ، تسجر الند . فجلس حمزة يحادثه وهو يعالج ما هو فيه . قال حمزة : فعرضت لي ريح فقلت : أسرحها وأستريح لعل ريحها لا يظهر مع هذا الند ، فأطلقتها ، فغلبت والله ريح البخور وغمرته . فقال : ما هذا يا حمزة ؟ فقلت : على عهد الله وميثاقه وعلى المشي والهدى إن كنت فعلتها وما هذا إلا عمل الجارية الفاجرة . فغضب ، وخجلت الجارية فما قدرت على الكلام . ثم جاءتني أخرى فسرحتها ، فسطع والله ريحها . فقال : ما هذا ؟ ويلك أنت والله الآفة . فقلت : امرأتي طالق ثلاثاً إن كنت فعلتها . فقال : وهذه اليمين لازمة إن كنت فعلتها ، وما هو إلا عمل هذه الجارية ، وقال لها : ما قصتك ؟ ويلك قومي إلى الخلاء إن كنت تجدين شيئاً . فزاد خجلها ، وطمعت فيها فسرحت الثالثة فسطع من ريحها ما لم يكن في الحساب . فغضب عبد الملك حتى كاد يخرج من جلده ، ثم قال : يا حمزة ، خذ بيد الزانية فقد وهبتها لك وامض ، فقد نغصت علي ليلتي . فأخذت بيدها وخرجت . فلقيني خادم له فقال : ما تريد أن تصنع ؟ فقلت له : أمضي بهذه الجارية . فقال : لا تفعل ، فوالله لئن فعلت ليبغضنك بغضاً لا تنتفع به بعده أبداً ، وهذه مائتا دينار خذها ودع هذه الجارية فإنه يتحظاها ، وسيندم على هبته إياها لك . فأبيت إلا بخمسمائة دينار ، فقال : ليس غير ما ذكرت لك . فأخذتها وتركت الجارية . فلما كان بعد ثلاث دعاني عبد الملك . فلما قربت من داره لقيني الخادم وقال لي : هل لك في مائة أخرى وتقول مالا يضرك ولعله ينفعك ؟ قلت : وما ذاك ؟ قال : إذا دخلت فادع الفسوات الثلاث وانسبها إلى نفسك وانضح عن الجارية ما قرفتها به . فأخذتها ودخلت على عبد الملك . فلما وقفت بين يديه قلت له : الأمان حتى أخبرك بخبر يسرك