كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 68 """"""
الأخبار ، ولحق العلماء في الأمصار ، فلو أعين بنطق ، لروى بحق وصدق ، عن جابر الجعفي ، وعامر الشعبي . وإنما أتيت من من كاتبه الأعور ، الذي إذا اختار لنفسه أطاب وأكثر ، وإذا اختار لغيره أخبث وأنزر . فإن رأى الوزير أن يبدلني ويريحني بمركوب يضحكني كما يضحك مني ، يمحو بحسنه وفراهته ، ما سطره العيب بقبحه ودمامته . ولست أرد كرامه ، سرجه ولجامه ، لأن الوزير أكرم من أن يسلب ما يهديه ، أو ينقص ما يمضيه فوجه إليه عبيد الله برذوناً من براذينه بسرجه ولجامه . ثم اجتمع محمد بن عبيد الله عند أبيه . فقال عبيد الله لأبي العيناء : شكوت دابة محمد ، وقد أخبرني إنه ليشتريه منك الآن بمائة دينار ، وما هذا ثمنه فلا يشتكي . فقال : أعز الله الوزير لو لم أكذب مستزيداً ، لم أنصرف مستفيداً . وإني وإياه لكما قالت امرأة العزيز : " الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين " . فضحك عبيد الله وقال : حجتك الداحضة ، بملاحتك وظرفك أبلغ من حجة غيرك البالغة . ودخل أبو العيناء على أبي الصقر وكان قد تأخر عنه ، فقال : ما أخرك عنا ؟ قال : سرق حماري . قال : وكيف سرق ؟ قال : لم أكن مع اللص فأخبرك . قال : فلم لم تأت على غيره ؟ قال : أبعدني عن الشراء قلة يساري ، وكرهت ذلة المكاري ، ومنة العواري . قال : وصار يوماً إلى باب صاعد بن مخلد ، فقيل له : هو مشغول يصلي ، فقال : لكل جديد لذة . وكان صاعد نصرانياً قبل الوزارة . وقال له صاعد يوماً : ما الذي أخرك عنا ؟ قال : بنتي . قال : وكيف ؟ قال : قالت لي : يا أبت ، قد كنت تغدو من عندنا فتأتي

الصفحة 68