كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 7 """"""
ومن مزاحاته : أنه أهدى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) جرة عسل اشتراها من أعرابي ، وأتى بالأعرابي إلى باب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : خذ الثمن من هاهنا . فلما قسمها النبي ( صلى الله عليه وسلم ) نادى الأعرابي : ألا أعطى ثمن عسلي ؟ فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " إحدى هنات نعيمان " . وسأله : لم فعلت هذا ؟ فقال : أردت برك يا رسول الله ، ولم يكن معي شيء . فتبسم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأعطى الأعرابي حقه . ومن مزاحاته أيضاً : أنه مر يوماً بمخرمة بن نوفل الزهري ، وهو ضرير ، فقال له : قدني حتى أبول ، فأخذ بيده حتى إذا كان في مؤخر المسجد قال له : اجلس ؛ فجلس مخرمة ليبول ، فصاح الناس : يا أبا المسور ، أنت في المسجد . فقال : من قادني ؟ فقيل له : نعيمان . قال : لله علي أن أضربه بعصاي إن وجدته . فبلغ ذلك نعيمان ، فجاء يوماً فقال لمخرمة : يا أبا المسور ، هل لك في نعيمان ؟ قال نعم . قال : هو ذا يصلي . وأخذ بيده وجاء به إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو يصلي ، فقال : هذا نعيمان ؛ فعلاه مخرمة بعصاه ؛ فصا به الناس : ضربت أمير المؤمنين . فقال : من قادني ؟ قالوا : نعيمان ؛ فقال : لا جرم لا عرضت له بسوء أبداً .
ومنهم ابن أبي عتيق ، وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم . وكان ذا ورع وعفاف وشرف ، وكان كثير المجون ، وله نوادر مستظرفة ، منها : أنه لقي عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : ما تقول في إنسان هجان بشعر ، وهو :
أذهبت مالك غير متروك . . . في كل مؤنسة وفي الخمر
ذهب الإله بما تعيش به . . . وبقيت وحدك غير ذي وفر
فقال عبد الله بن عمر : أرى أن تأخذ بالفضل وتصفح . فقال له عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن : والله أرى غير ذلك . فقال : وما هو ؟ قال : أرى أن أنيكه . فقال ابن عمر : سبحان الله ما تترك الهزل وافترقا . ثم لقيه بعد ذلك فقال له : أتدري ما فعلت بذلك الإنسان ؟ فقال : أي إنسان ؟ قال : الذي أعلمتك أنه هجاني .

الصفحة 7