كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 70 """"""
ولا أصدقهم ، وتصدق أنت صبيان دربكم أني سرقت الحمل . قال فسكت وما عاودني . ولأبي العيناء أخبار كثيرة وحكايات مشهورة قد أوردنا منها ما يدخل في هذا الباب وتركنا ما سواه .
ذكر ما ورد في كراهة المزح
روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " من مزح استخف به " . وقال حكيم : خير المزاح لا ينال ، وشره لا يقال ، سكرات الموت به محدقة ، وعيون الآجال إليه محدقة . وقال آخر : تجنب شؤم الهزل ونكد المزاح ، فإنهما بابان إذا فتحا لم يغلقا إلا بعد عسر ، وفحلان إذا لقحا لم ينتجا غير ضر . وقالوا : المزاح يضع قدر الشريف ، ويذهب هيبة الجليل . وقالوا : لا تقل ما يسوءك عاجله ، ويضرك آجله . وقالوا : إياك وما يستقبح من الكلام ، فإنه ينفر عنك الكرام ، ويجسر عليك اللئام . وقال عمر بن عبد العزيز : اتقوا المزاح ، فإنها حمقة تورث ضغينة . وقال حكيم لابنه : يا بني ، إياك والمزاح ، فإنه يذهب ببهاء الوجه ويحط من المروءة . قال شاعر :
اكره لنفسك ما لغيرك تكره . . . وافعل لنفسك فعل من يتنزه
وارفع بصمتك عنك سبات الورى . . . خوف الجواب فإنه بك أشبه
ودع الفكاهة بالمزاح فإنها . . . تودي وتسقط من بها يتفكه
وقيل :
ألا رب قول قد جرى ممن ممازح . . . فساق إليه الموت في طرف الحبل
فإن مزاح المرء في غير حينه . . . دليل على فرط الحماقة والجهل