كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 74 """"""
الباب الرابع في الخمر وتحريمها وآفاتها وجناياتها وأسمائها ، وأخبار من تنزه عنها في الجاهلية ، ومن حد فيها من الأشراف ، ومن اشتهر بها ، ولبس ثوب الخلاعة بسببها ، وما قيل فيها من جيد الشعر ، وما قيل في وصف آلاتها وآنيتها ، وما قيل في مبادرة اللذات ، وما وصفت به المجالس وما يجري هذا المجرى .
ذكر ما قيل في الخمر وتحريمها
أجمع الناس على أن الخمر المحرمة في كتاب الله عز وجل هي المتخذة من عصير العنب بعد أن يغلى ويقذف بالزبد م غير أن يمسها نار . وإذا انقلبت بنفسها وتخللت طهرت من غير أن يتسبب في ذلك بشيء يلقى فيها . وطهارتها إذا غلبت عليها الحموضة وفارقتها النشوة . والخمر المتخذة أيضاً من التمر ، لقول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فيما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه : " الخمر من هاتي الشجرتين النخلة والعنبة " . وفي حديث آخر : " من هاتين الشجرتين الكمة والنخلة " . وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت عمر رضي الله عنه على منبر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : أما بعد ، أيها الناس : إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة ، من التمر والعنب والعسل والحنطة والشعير " . والخمر ما خامر العقل . ولا خلاف بين أحد من الأئمة في أن الخمر حرام ، لما ورد في ذلك من الكتاب والسنة . أما ما ورد في كتاب الله عز وجل فأربع آيات ، منها ما يقتضي الإباحة ، ومنها ما يقتضي الكراهة والتحريم . فأول ما نزل فيها بمكة قوله عز وجل : " ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقا حسناً " . فكان المسلمون يشربونها يومئذ وهي حلال لهم . ثم أنزل الله عز وجل بالمدينة : " يسألونك عن الخمر