كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 83 """"""
وقال الوليد بن عبد الملك للحجاج بن يوسف في وفدة وفدها عليه وقد أكلا : هل لك في الشراب ؟ قال : يا أمير المؤمنين ، ليس بحرام ما أحللت ، ولكن أمنع أهل عملي ، وأكره أن أخالف قول العبد الصالح وهو قوله تعالى : " وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه " .
وقالوا : للنبيذ حدان ، حد لا هم معه ، وحد لا عقل معه ، فعليك بالأول واتق الثاني .
ومن آفات الخمر افتضاح شاربها بريحها عند من يحتشم منه ويتقيه ويخافه يثبت في الفم اليوم واليومين بعد تركها . فمن شربها ساعة وهو يحتشم من الناس أن يظهر ذل عليه احتجاج إلى الانقطاع في بيته بعد زوال السكر وأوبة العقل حتى تزول الرائحة . وقد تحايل الذي يشربون الخمر على قطع ريحها من الفم وعالجوا ذلك بأدوية صنعوها يستعملونها بعد شربها . فأجود ما صنعوه من هذه الأدوية أن يؤخذ من المؤ والبسباسة والسعد والجناح والقرنفل أجزاء متساوية وجزءان من الصمغ ، ويدق ذلك ويجبل بماء الورد ويستعمل منه فإنه يقطع رائحة الخمر من الفم ، كما زعموا . وقد نظم بعض الشعراء هذه المفردات في أربعة أبيات فقال :
مر وبسباسة وسعد . . . إلى جناح وماء ورد
ينظمها الصمغ إن تلاه . . . قرنفل الهند نظم عقد

الصفحة 83