كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 89 """"""
مكانه لفعلت ، قال : يا أمير المؤمنين ، ولو عزلته ووليتني مكانه أما كنت تعزلني أيضاً وتولي غيري قال : بلى ، قال : فكنت أرجع إلى سيرتي الأولى فأحد ، فقال المهدي لوزرائه : ما تقولون في حاجة ابن هرمة وما عندكم فيها من التلطف ؟ قالوا : يا أمير المؤمنين ، إنه سأل مالا سبيل إليه ، إسقاط حد من حدود الله عز وجل ، فقال المهدي : له حيلة إذا أعيتكم الحيل فيه ، اكتبوا إلى عامل المدينة : من أتاك بابن هرمة سكراناً فاضربه مائة سوط واجلد ابن هرمة ثمانين ، فكان إذا شرب ومشى في أزقة المدينة يقول : من يشتري مائة بثمانين ؟ وأما من شربها منهم واشتهر بها ، جماعة من الأكابر والأعيان والخلفاء .
منهم : يزيد بن معاوية شهر بشربها ، وكان يقال له : يزيد الخمور ، روى هشام بن الكلبي عن أبيه قال : وجه معاوية جيشاً إلى أرض الروم فأصابهم الجدري ، وعند يزيد امرأته أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر فسكر وأنشأ يقول :
إذا ارتفقت علي الأنماط في غرف . . . بدير مران عندي أم كلثوم
فما أبالي الذي لاقت جيوشهم . . . بالغذقذونة منحمى ومن موم
فبلغ الخبر معاوية ، فقال : أنت هاهنا إلحق بهم ، وسيره إلى قتال الروم .
ومنهم : عبد الملك بن مروان ، وكان يسمى : حمامة المسجد ، لاجتهاده في العبادة ، هذا قبل أن يلي الخلافة ، فلما أفضت الخلافة إليه شرب ، فقال له سعيد بن المسيب : بلغني يا أمير المؤمنين ، أنك شربت الطلاء ، قال : إي والله والدماء .