كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)

"""""" صفحة رقم 91 """"""
ومنهم : المأمون بن الرشيد وشهر بالشراب وله فيه أخبار ، منها : أنه شرب هو ويحيى بن أكثم القاضي وعبد الله بن طاهر ، فتعامل المأمون وابن طاهر على سكر يحيى ، فأشار إلى الساقي فأسكره ، وكان بين أيديهم رزم من الورد والرياحين ، فأمر المأمون فشق ليحيى لحد من الورد والرياحين وصيروه فيه ، وعمل بيتي شعر ودعا قينة فجلست عند رأس يحيى وغنت بالشعر :
دعوته وهو حي لا حياة به . . . مكفناً في ثياب من رياحين
فقلت قم قال رجلي لا تطاوعني . . . فقلت خذ قال كفى لا تواتيني
فانتبه يحيى لرنة العود وصوت الجارية فقال :
يا سيدي وأمير الناس كلهم . . . قد جار في حكمه من كان يسقيني
إني غفلت عن الساقي فصيرني . . . كما تراني سليب العقل والدين
فانظر لنفسك قاض إنني رجل . . . ألراح يقتلني والروح يحييني
ومنهم : العباس بن علي بن عبد الله بن العباس وهو عم المنصور ، كان يأخذ الكأس بيده ويقول : أما العقل فتتلفين ، وأما المروءة فتمحقين ، وأما الدين فتفسدين ، ويسكت ساعة ثم يقول : وأما النفس فتسخين ، وأما القلب فتشجعين ، وأما الهم فتطردين ، أفتراك مني تفلتين ثم يشربها .
ومنهم : بلال بن أبي بردة فضح بالشراب وفيه يقول يحيى بن نوفل الحميري :
وأما بلال فذاك الذي . . . يميل الشراب به حيث مالا
يبيت يمص عتيق الشراب . . . كمص الوليد يخاف الفصالا
ويصبح مضطرباً ناعساً . . . تخال من السكر فيه احولالا
ويمشي ضعيفاً كمشي النزيف . . . تخال به حين يمشي شكالا

الصفحة 91