كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 4)
"""""" صفحة رقم 96 """"""
منها أجناس ، فأيها تريد ؟ قال : التي يقول فيها الشاع :
حجبت خيفة وصينت فجاءت . . . كجلاء العروس بعد الصيان
وكأن الأكف تصبغ من ضو . . . ء سناها بالورس والزعفران
فملأ له الخمار قدحاً من خمر صفراء ، كأنها ذهب محلول ، فشربه الحسن وقال : أحسن من هذا أريد . فقال له الخمار : أي جنس تريد ؟ قال : التي يقول فيها الشاعر :
دفعتها أيدي الهواجر حتى . . . صيرت جسمها كجسم الهواء
فهي كالنور في الإناء وكالنا . . . ر إذا ما تصير في الأحشاء
فملأ له الخمار قدحاً من خمر كأنها العقيق . فشربه وقال : أرفع من هذا أريد . فقال : أي جنس ؟ قال : التي يقول فيها الشاعر :
وإذا حسا منها الوضيع ثلاثة . . . سمح الوضيع كفعل ذي القدر
في لون ماء الغيث إلا أنها . . . بين الضلوع كواقد الجمر
قملأ له قدحاً من خمر بيضاء ، كأنها ماء المزن . فشرب الحسن وقال للخمار : أتعرفني ؟ قال : إي والله يا سيدي ، أنا أعرف الناس بك . قال : من أنا ؟ قال : أنت الذي يسكر من غير وزن . فضحك الحسن وقال لمطيط : ادفع إليه ما بقي عندك من النفقة ، فأعطاه مائة درهم وانصرف . وقال الحسين بن الضحاك : كنت مع أبي نواس بمكة عام حج ، فسمع صبياً يقرأ " يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا " . فقال أبو نواس : في مثل هذا يجيء للخمر صفة حسنة ، ففكر ساعة ثم أنشدني :
وسيارة ضلت عن القصد بعد ما . . . ترادفهم أفق من الليل مظلم
فأصغوا إلى صوت ونحن عصابة . . . وفينا فتى من سكره يترنم