وقال الله عزّ وجلّ: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ
[1] ، دخلت الأمّ في اسم الأبوّة، كأنهم يجمعون على أنبه الاسمين وكقولهم: ثبيرين [2] ، والبصرتين [3] . وليس ذلك بالواجب؛ وقد قالوا: سيرة العمرين، وأبو بكر فوق عمر، قال الفرزدق [4] : [من الطويل]
أخذنا بآفاق السّماء عليكم ... لنا قمراها والنّجوم الطّوالع
وأمّا قول ذي الرّمّة [5] : [من الطويل]
وليل كجلباب العروس ادّرعته ... بأربعة والشخص في العين واحد
فإنه ليس يريد لون الجلباب، ولكنّه يريد سبوغه.
712-[جواب أعرابيّ]
قال [6] : وكذلك قول الأعرابيّ حين قيل له: بأيّ شيء تعرف حمل شاتك؟
قال: «إذا استفاضت خاصرتها، ودجت شعرتها» . فالدّاجي هاهنا اللابس.
قال الأصمعي ومسعود بن فيد الفزاري: ألا ترونه يقول: «كان ذلك وثوب الإسلام داج» . وأما لفظ الأصمعيّ فإنّه قال: كان ذلك منذ دجا الإسلام [7] . يعني أنّه ألبس كلّ شيء.
713-[شيات الحمام]
ثمّ رجع بنا القول إلى ذكر شيات الحمام.
وزعموا أنّ الأوضاح كلّها ضعف، قليلها وكثيرها، إلّا أنّ ذلك بالحصص على
__________
[1] 11/النساء: 4.
[2] الثبيران: جبلان مفترقان يصب بينهما أفاعية، وهو واد يصب من منى، يقال لأحدهما ثبير غينى، وللآخر ثبير الأعرج. معجم البلدان 2/73 (ثبير) .
[3] البصرتان: البصرة والكوفة. معجم البلدان 1/430 (البصرة) .
[4] ديوان الفرزدق 1/419، والخزانة 4/391، 9/128، وشرح شواهد المغني 1/13، 2/964، واللسان (عوي) ، وبلا نسبة في اللسان (شرق، قبل) ، والمقتضب 4/326.
[5] ديوان ذي الرمة 1108، واللسان والتاج وأساس البلاغة (روز) . ورواية صدر البيت في المصادر (وليل كأثناء الرويزي جبته) . والبيت كرواية الجاحظ في ديوان المعاني 1/342، وأخبار أبي تمام 83.
[6] عيون الأخبار 2/75.
[7] النهاية 2/102 وفيه «دجا الإسلام: شاع وكثر» .