وسنذكر جملة من حال الذّبّان، ثم نقول في جملة ما يحضرنا من شأن الغربان والجعلان.
753-[أمثال في الفراش والذباب]
ويقال في موضع الذمّ والهجاء: «ما هم إلّا فراش نار وذبّان طمع» [1] . ويقال:
«أطيش من فراشة» [2] ، «وأزهى من ذبّان» [3] .
وقال الشاعر [4] : [من الوافر]
كأنّ بني ذويبة رهط سلمى ... فراش حول نار يصطلينا
يطفن بحرّها ويقعن فيها ... ولا يدرين ماذا يتّقينا
والعرب تجعل الفراش والنّحل والزّنابير والدّبر كلّها من الذّبان. وأما قولهم:
«أزهى من ذباب» فلأن الذّباب يسقط على أنف الملك الجبّار، وعلى موق عينيه ليأكله، ثم يطرده فلا ينطرد.
754-[أمثال في الأنف]
والأنف هو النّخوة وموضع التّجبّر.
وكان من شأن البطارقة [5] وقوّاد الملوك إذا أنفوا من شيء أن ينخروا كما ينخر الثّور عند الذّبح، والبرذون عند النّشاط.
والأنف هو موضع الخنزوانة [6] والنّعرة. وإذا تكبّرت النّاقة بعد أن تلقح فإنّها تزمّ بأنفها.
والأصيد: الملك الذي تراه أبدا من كبره مائل الوجه. وشبّه بالأسد فقيل أصيد؛ لأنّ عنق الأسد من عظم واحد، فهو لا يلتفت إلّا بكلّه، فلذلك يقال للمتكبّر: «إنّما أنفه في أسلوب» [7] ، ويقال: أرغم الله أنفه وأذلّ معطسه! ويقال:
__________
[1] ثمار القلوب (730) .
[2] مجمع الأمثال 1/438، والمستقصى 1/230، وجمهرة الأمثال 2/32، وأمثال ابن سلام 374.
[3] المستقصى 1/151، والدرة الفاخرة 1/213، ومجمع الأمثال 1/327.
[4] البيتان بلا نسبة في ثمار القلوب (730) .
[5] البطريق؛ ككبريت؛ القائد من قواد الروم تحت يده عشرة آلاف رجل «القاموس: بطرق» .
[6] الخنزوانة: الكبر «القاموس: خنز» . وكذلك النعرة.
[7] جمهرة الأمثال 2/99.