كتاب الحيوان (اسم الجزء: 3-4)

قد ذكروا بالصّمم أجناسا من خبيثات الحيّات، وذهبوا إلى امتناعها من الخروج عند رقية الرّاقي عند رأس الجحر، فقال بعضهم: [من الرجز]
وذات قرنين من الأفاعي ... صمّاء لا تسمع صوت الدّاعي
ويزعمون أنّ كلّ نضناض أفعى. وقال آخر [1] : [من المتقارب]
ومن حنش لا يجيب الرّقا ... ة أرقش ذي حمة كالرّشا [2]
أصمّ سميع طويل السّبا ... ت منهرت الشدق عاري النسا [3]
فزعم أنّه أصمّ سميع، فجاز له أن يجعله أصمّ بقوله: «ومن حنش لا يجيب الرّقاة» وقال الآخر [4] : [من السريع]
أصمّ أعمى لا يجيب الرّقى ... يفترّ عن عصل حديدات [5]
والأفعى ليس بأعمى، وعينه لا تنطبق، وإن قلعت عينه عادت. وهو قائم العين كعين الجرادة، كأنها مسمار مضروب. ولها بالليل شعاع خفيّ. قال الرّاعي يصف الأفعى: [من الطويل]
ويدني ذراعيه إذا ما تبادرا ... إلى رأس صلّ قائم العين أسفع
وهذه صفة سليم الأفعى، فيجوز أن يكون الشاعر وصفها بالتمنع من الخروج بالصّمم، كما وصفها بالعمى، لمكان السّبات وطول الإطراق.
قال الشاعر [6] : [من المتقارب]
أصمّ سميع طويل السّبات ... منهرت الشّدق عاري القرا
وقال آخر: [من السريع]
منهرت الشّدق رقود الضّحى ... سار طمور بالدّجنّات [7]
__________
[1] البيتان لأبي صفوان الأسدي في الحماسة البصرية 2/344، وأمالي القالي 2/238، وحماسة الخالديين 359.
[2] في الأمالي: (الحمة: سمه وضره، والرشاء: الحبل) .
[3] في الأمالي: (المنهرت: واسع مشق الشدق) .
[4] البيت بلا نسبة في اللسان والتاج (سبت) والتهذيب 12/388.
[5] الأعصل: الأعوج.
[6] تقدم شرح البيت في الحاشية قبل السابقة.
[7] الطمور: الوثوب. (القاموس: طمر) .

الصفحة 346