كتاب الحيوان (اسم الجزء: 3-4)

ومهاتين حرس ورئال ... وشبوب كأنّه أوثار [1]
ووصف علقمة بن عبدة [2] ناقته، وشبّهها بأشياء منها، ثمّ أطنب في تشبيهه إيّاها بالظّليم: [من البسيط]
تلاحظ السّوط شزرا وهي ضامزة ... كما توجسّ طاوي الكشح موشوم [3]
كأنّها خاضب زعر قوائمه ... أجني له باللّوى شري وتنّوم [4]
يظلّ في الحنظل الخطبان ينقفه ... وما استطفّ من التّنّوم مخذوم [5]
فوه كشقّ العصا لأيا تبيّنه ... أسكّ ما يسمع الأصوات مصلوم [6]
يكاد منسمه يختلّ مقلته ... كأنّه حاذر للنّخس مشهوم [7]
حتى تذكّر بيضات وهيّجه ... يوم رذاذ، عليه الرّيح مغيوم
فلا تزيّده في مشيه نفق ... ولا الزّفيف دوين الشّدّ مسؤوم [8]
يأوي إلى حسكل زعر حواصلها ... كأنّهنّ إذا برّكن جرثوم [9]
وضّاعة كعصيّ الشّرع جؤجؤه ... كأنّه بتناهي الرّوض علجوم [10]
__________
[1] «الأوثار: الثوب الأبيض المحشو، وقيل البرذعة، وذلك أنه سمين، أما حرس ورئال فلم أهتد للصواب فيهما» .
[2] ديوان علقمة 57- 62، والمفضليات 399- 400، والشرح التالي من ديوانه.
[3] الشزر: النظر بمؤخر العين. ضامزة: ضامّة لحييها لا تجتر، وذلك أسرع لها. توجس: تسمع حسّا.
الطاوي: الضامر الكشح، الموشوم: المنقط القوائم بسواد.
[4] الخاضب: الظليم الذي أكل الربيع. الزعر: القليلة الريش. اللوى: ما التوى من الرمل، وهو هاهنا موضع بعينه. الشري: شجر الحنظل. التنوم: نبت.
[5] الخطبان من الحنظل: الذي صارت فيه خطوط صفر وحمر. ينقفه: يكسره، ويستخرج حبه، ويأكله. والمخذوم: المقطوع. استطف: ارتفع، أي: يقطع ما ارتفع من أغصانه ويرعاه.
[6] فوه كشق العصا: أي ما تكاد تستبين ما بين منقاريه لشدة التصاقهما. وقوله «أسك ما يسمع» ، أراد:
أسكّ الشيء الذي يسمع الأصوات، والسكك: صغر الأذن وضيقها والمصلوم: المقطوع الأذن من الأصل.
[7] «يكاد منسمه» يريد: ظفره. وقوله «يختل مقلته» يريد: أنه يزج برجليه زجّا شديدا ويخفض عنقه، ويمدها في عدوه، فيكاد ظفره يصيب مقلته فيشقها، والمشهوم: الفزع، والشهم: الذكي القلب.
[8] «التزيد» فوق المشي. و «النفق» الذاهب المنقطع، و «الزفيف» دون العدو و «الشد» العدو الشديد. و «المسؤوم» المملول. يقول: لشدة عدو هذا الظليم وحرصه على إدراك البيض أو الأفراخ لا يسأم الزفاف.
[9] يأوي هذا الظليم إلى فراخ، «زعر» أي أن ريش القوادم لم ينبت بعد لصغرها و «الجرثومة» أصل الشجرة.
[10] الوضع: ضرب من العدو، «كعصي الشرع» شبه عنق الظليم بالبربط، وهو العود، و «الشرع» أوتاره. و «الجؤجؤ» الصدر، و «تناهي الروض» حيث ينتهي السيل ويستقر. و «العلجوم» الليل، شبه الظليم به لسواده، و «العلجوم» أيضا، الجمل الضخم، ويحتمل أن يشبه الظليم به في عظم خلقه.

الصفحة 438