كتاب الحيوان (اسم الجزء: 3-4)

قال: ولا يصلح أن تكون «ما» في الموضع الذي ذكر؛ لأنّ ذلك يصير كقول القائل: التمر حلو، والثّلج بارد، والنّار حارّة. ولا يحتاج إلى أن يخبر أنّ الذي يسمع هذا الصّوت؛ لأنه لا مسموع إلّا الصّوت.
قال خصمه: فقد قال علقمة بن عبدة: [من البسيط]
حتّى تلافى وقرن الشّمس مرتفع ... أدحيّ عرسين فيه البيض مركوم
يوحي إليها بإنقاض ونقنقة ... كما تراطن في أفدانها الرّوم
ثم قال:
تحفّه هقلة سفعاء خاذلة ... تجيبه بزمار فيه ترنيم
واحتجّ من زعم أنها تسمع، بقوله [1] : [من الطويل]
وصحم صيام بين صمد ورجلة ... وبيض تؤام بين ميث ومذنب [2]
متى ما تشأ تسمع عرارا بقفرة ... يجيب زمارا كاليراع المثقب [3]
وقال الطّرمّاح [4] : [من الكامل]
يدعو العرار بها الزّمار كأنّه ... ألم تجاوبه النّساء العوّد [5]
قال: وصوت النعامة الذّكر: العرار. وصوت الأنثى: الزّمار.
وأنشد الذي زعم أنّها لا تسمع، قول أسامة بن الحارث الهذليّ [6] : [من الطويل]
تذكّرت إخواني فبتّ مسهّدا ... كما ذكرت بوّا من اللّيل فاقد [7]
__________
[1] البيتان للبيد، والأول في ديوانه 12، وصدره في اللسان (صحم) ، وهو بلا نسبة في التهذيب 4/273، والثاني في ديوانه 18.
[2] في ديوانه «الصحم: الحمير، وأصحم: أسود اللون من كل لون. صيام: قيام. الصمد: الغلظ.
والرجلة: رجلة الوادي، مسيله وجمعه رجل. وبيض: يريد بيض النعام. تؤام: اثنان اثنان.
الميث: الأرض السهلة. المذنب: مجرى الماء» .
[3] في ديوانه «العرار: صوت النعام الذكر، والزمار صوت الأنثى. واليراع: القصب يتخذ منها زمارات» .
[4] ديوان الطرماح 143 (115) ، والجمهرة 123، والمعاني الكبير 343.
[5] في ديوانه «يدعو: بمعنى يجيب هاهنا. والعوّد: اللواتي يعدن المريض الألم، أي يزرنه» .
[6] ديوان الهذليين 2/201- 202، وشرح أشعار الهذليين 1296.
[7] في ديوان الهذليين «البوّ: جلد يحشى للفاقد ولدها، يذبح أو يموت فترأمه وتدرّ عليه، فإذا ذكرته حنّت» .

الصفحة 446