كتاب الحيوان (اسم الجزء: 3-4)

تكلّمت على ذلك المقدار في الهواء، ولم يكن ينفذ في قناة تحصره وتجمعه، حتّى تؤدّيه إلى دماغه- لم يفهمه.
فالأصمّ في الحقيقة إنّما هو الأخرس، والأخرس إنّما سمّي بذلك على التشبيه والقرابة. ومتى ضرب الأصمّ من النّاس إنسانا أو شيئا غيره، ظنّ أنّه لم يبالغ، حتّى يسمع صوت الضربة. قال الشّاعر [1] : [من الطويل]
أشار بهم لمع الأصمّ فأقبلوا ... عرانين، لا يأتيه للنّصر محلب [2]
وقال الأسديّ [3] : [من المتقارب]
وأوصيكم بطعان الكماة ... فقد تعلمون بأن لا خلودا
وضرب الجماجم ضرب الأصمّ ... حنظل شابة يجنى الهبيدا [4]
وقال الهذلي [5] : [من البسيط]
فالطعن شغشغة والضّرب معمعة ... ضرب المعوّل تحت الدّيمة العضدا [6]
وإنما جعله تحت الدّيمة؛ لأنّ الأغصان والأشجار تصير ألدن وأعلك، فيحتاج
__________
[1] البيت لبشر بن أبي خازم في ديوانه 10 (61) ، واللسان والتاج (حلب، صمم) ، وأساس البلاغة (صمم) ، والتهذيب 5/85، 12/127، والتنبيه والإيضاح 1/68، وبلا نسبة في المجمل 2/99، والمقاييس 2/96.
[2] في ديوانه «لمع الرجل بيده: أشار بها، ولمع الأصم: أي كما تشير للأصم بإصبعك. والضمير يعود على مقدم الجيش. والعرانين: الرؤساء. والمحلب: المعين من غير قومه، يقول: أشار إليهم فأقبلوا مسرعين. ولا يأتيه سوى قومه وبني عمه يكفونه» .
[3] البيتان بلا نسبة في اللسان (صمم) ، والتهذيب 12/127، والثاني في اللسان والتاج (شوب) ، والتهذيب 6/219.
[4] الأصم: عنى به الظليم من النعام. شابة: موضع بنجد. الهبيد: حب الحنظل.
[5] البيت لعبد مناف بن ربع الهذلي في شرح أشعار الهذليين 674، واللسان والتاج (عضد، هقع، شغغ، عول) ، والتنبيه والإيضاح 2/39، والجمهرة 945، 1172، والمجمل 3/147، وديوان الأدب 3/434، وكتاب الجيم 2/272، وللهذلي في التهذيب 1/127، 3/198، 16/32، وبلا نسبة في الجمهرة 206، والمقاييس 3/169، 4/350، والمخصص 5/135، 6/90.
[6] في ديوان الهذليين 2/40 «شغشغة: حكاية لصوت الطعن حين يدخل. هيقعة: حكاية لصوت الضرب والوقع. وقوله: ضرب المعول، المعوّل: الذي يبني عالة، والعالة: شجر يقطعه الراعي فيستظل به من المطر يكون الرجل يحتاج إلى الكن فيقطع شجرة فيضعها على شجرتين فيستظل تحتها. والعضد: ما قطع من الشجر، وجعل تحت الديمة لأنه أسمع لصوته إذا ابتلّ» .

الصفحة 458