كتاب الحيوان (اسم الجزء: 3-4)

ومتى رأيت البرق سمعت الرّعد بعد. والرّعد يكون في الأصل قبله، ولكنّ الصّوت لا يصل إليك في سرعة البرق؛ لأنّ البارق والبصر أشدّ تقاربا من الصّوت والسّمع. وقد ترى الإنسان، وبينك وبينه رحله فيضرب بعصا إمّا حجرا، وإمّا دابّة، وإمّا ثوبا، فترى الضّرب، ثمّ تمكث وقتا إلى أن يأتيك الصّوت.
فإذا لم تصوّت السّحابة لم تبشّر بشيء، وإذا لم يكن لها رزّ [1] سمّيت خرساء.
1214-[الصخرة الصماء]
وإذا كانت الصّخرة في هذه الصّفة سمّيت صماء. قال الأعشى [2] : [من الكامل]
وإذا تجيء كتيبة ملمومة ... مكروهة يخشى الكماة نزالها
وعلى غير هذا المعنى قال كثيّر [3] : [من الطويل]
كأني أنادي صخرة، حين أعرضت ... من الصّمّ لو تمشي بها العصم زلّت
ومن هذا الشّكل قول زهير [4] : [من الكامل]
وتنوفة عمياء لا يجتازها ... إلا المشيّع ذو الفؤاد الهادي [5]
قفر هجعت بها، ولست بنائم، ... وذراع يلقية الجران وسادي [6]
__________
[1] الرز: الصوت.
[2] ديوان الأعشى 83، واللسان والتاج (حصف) ، والتهذيب 4/252، والمقاييس 2/67، والمجمل 2/71، والعين 3/121.
[3] ديوان كثير 97، والموشح 252، والمقاصد النحوية 2/408- 409.
[4] ديوان زهير 244، والبيت الثاني في اللسان والتاج (هجع) ، وبلا نسبة في المخصص 5/104، والبيت الثالث في أساس البلاغة (لحظ) ، والإنصاف 778.
[5] في ديوانه: «التنوفة: القفر. يجتازها: يجاوزها. عمياء: لا طريق بها. المشيع: الجريء الشجاع الذي كأنّ معه من يشيّعه، أي لجرأته» .
[6] في ديوانه: «هجعت: نمت. ولست بنائم: أي لم أنم على تحقيق نوم. كقولك نمت ولم أنم.
والجران: باطن الحلق ما أصاب الأرض، وإنما تضعه من الإعياء. يقول: توسدت ذراع هذه الناقة من الكلال والتعب. توسّد ذراع ناقته، حين نزل، وقد ألقت جرانها بالأرض، وهو باطن الحلقوم، من التعب والكلال» .

الصفحة 460