كتاب الحيوان (اسم الجزء: 3-4)

فجهل حمّاد بهذا المقدار من مقالة القوم، كأنّه عندي ممّا يعرفه من براءته الساحة.
فإن كان قد أجابهم فإنما هو من مقلّديهم.
وهجا حمّاد بن الزّبرقان، حمادا الراوية فقال [1] : [من الكامل]
نعم الفتى لو كان يعرف ربّه ... ويقيم وقت صلاته حمّاد
هدلت مشافره الدّنان فأنفه ... مثل القدوم يسنّها الحدّاد [2]
وابيضّ من شرب المدامة وجهه ... فبياضه يوم الحساب سواد
فقد كان كما ترى:
هدلت مشافره الدنان فأنفه ... مثل القدوم.....
(البيت) فقد رأيت جماعة ممّن يعاقرون الشّراب، قد عظمت آنفهم. وصارت لهم خراطيم، منهم روح الصّائغ، وعبد الواحد صاحب اللؤلويّ وجماعة من ندمان [3] حمّاد بن الصّباح، وعبد الله أخو نهر ابن عسكر وناس كثير.
ويدلّ على ذلك من المنافرة قول جرير [4] للأخطل: [من الكامل]
وشربت بعد أبي ظهير وابنه ... سكر الدّنان كأنّ أنفك دمّل
وكان منهم يونس بن فروة. وفي يونس يقول حمّاد عجرد [5] : [من الكامل]
أما ابن فروة يونس فكأنّه ... من كبره أير الحمار القائم
ما النّاس عندك غير نفسك وحدها ... والخلق عندك ما خلاك بهائم
إنّ الذي أصبحت مفتونا به ... سيزول عنك وأنف جارك راغم
فتعضّ من ندم يديك على الذى ... فرّطت فيه، كما يعض النّادم
فلقد رضيت بعصبة آخيتهم ... وإخاهم لك بالمعرّة لازم
فعلمت حين جعلتهم لك دخلة ... أني لعرضك في إخائك ظالم [6]
__________
[1] الأبيات في البرصان 300، والأغاني 6/86، وطبقات ابن المعتز 69، وبهجة المجالس 1/526، والعقد الفريد 4/321، والشعر والشعراء 181، وديوان المعاني 1/314، والمخصص 17/6، وأمالي المرتضى 1/91، والخزانة 4/132 (بولاق) .
[2] الدنان: جمع دنّ، وهو من الأوعية التي يحفظ فيها الخمر. القدوم، قدوم النّجّار.
[3] ندمان: النديم على الشراب، وتستخدم «ندمان» في الإفراد والجمع.
[4] ديوان جرير 477، والبرصان 301.
[5] الأبيات في جمع الجواهر 209، والبيتان الأول والثاني في العمدة 2/239، وهما بلا نسبة في عيون الأخبار 1/272.
[6] دخلة الرجل: بطانته.

الصفحة 480