كتاب الحيوان (اسم الجزء: 3-4)

باب آخر
1243-[نار الشجر]
[1] وهو قوله عزّ وجلّ: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ
[2] .
والنّار من أكبر الماعون، وأعظم [المنافع] [3] المرافق [في هذه الدنيا على عباده] [3] . ولو لم يكن فيها إلّا أنّ الله عزّ وجلّ قد جعلها الزاجرة عن المعاصي، لكان ذلك ممّا يزيد في قدرها، وفي نباهة ذكرها.
وقال تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ
[4] ، ثم قال: نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ
[5] . فقف عند قوله [6] : نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً
فإن كنت بهذا القول مؤمنا فتذكّر ما فيها من النعمة أولا ثم آخرا، ثم توهّم مقادير النعم وتصاريفها [7] .
1244-[نار الله]
[8] وقد علمنا أنّ الله عذّب الأمم بالغرق، والرّياح، وبالحاصب، والرّجم، وبالصّواعق، وبالخسف، والمسخ، وبالجوع، وبالنقص من الثمرات، ولم يبعث عليهم نارا، كما بعث عليهم ماء وريحا وحجارة. [وإنما] [9] جعلها من عقاب الآخرة [وعذاب العقبى] [9] ، ونهى أن يحرق بها شيء من الهوامّ [10] ، وقال [رسول الله صلى الله عليه وسلم] [9] : «لا تعذّبوا بعذاب الله» [11] . فقد عظّمها كما ترى.
__________
[1] ثمار القلوب 823.
[2] 80/يس: 36.
[3] الزيادة من ثمار القلوب.
[4] 71- 72/الواقعة: 56.
[5] 73/الواقعة: 56.
[6] في ثمار القلوب: «فكم تحت قوله» .
[7] في ثمار القلوب: «من تبصرة، بما فيها من مقادير النعم وتصاريف النقم» .
[8] ثمار القلوب (80- 819) ، وقد نقل الثعالبي هذه الفقرة عن الجاحظ.
[9] الزيادة من ثمار القلوب.
[10] في ثمار القلوب «من الحيوان» .
[11] أخرجه البخاري في الجهاد برقم 2854 (حدثنا سفيان، عن أيوب، عن عكرمة: أن عليّا رضي الله عنه حرّق قوما، فبلغ ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرّقهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تعذبوا بعذاب الله» . ولقتلتهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من بدّل دينه فاقتلوه» ، وأعاده البخاري في كتاب استتابة المرتدين والمعاندين برقم 6524، وانظر جامع الأصول 3/481، والجامع الصغير 9830، وفيه: رواه أبو داود والترمذي والحاكم في المستدرك.

الصفحة 490