كتاب الحيوان (اسم الجزء: 3-4)

ويقولون في الحلف: الدّم الدّم، والهدم الهدم [1] ، يحرّكون الدّال في هذا الموضع؛ لا يزيده طلوع الشمس إلا شدّا، وطول اللّيالي إلّا مدّا، ما بلّ البحر صوفة [2] ، وما أقام رضوى في مكانه، (إن كان جبلهم رضوى [3] ) .
وكلّ قوم يذكرون جبلهم، والمشهور من جبالهم.
وربّما دنوا منها حتى تكاد تحرقهم.
ويهوّلون على من يخاف عليه الغدر، بحقوقها ومنافعها، والتّخويف من حرمان منفعتها. وقال الكميت [4] : [من المتقارب]
كهولة ما أوقد المحلفو ... ن للحالفين وما هوّلوا
وأصل الحلف والتّحالف، إنما هو من الحلف والأيمان. ولقد تحالفت قبائل من قبائل مرّة بن عوف، فتحالفوا عند نار فدنوا منها، وعشوا [5] بها، حتّى محشتهم. فسمّوا: المحاش [6] .
وكان سيدهم والمطاع فيهم، أبو ضمرة يزيد بن سنان بن أبي حارثة. ولذلك يقول النّابغة [7] : [من الكامل]
جمّع محاشك يا يزيد فإنّني ... جمّعت يربوعا لكم وتميما [8]
__________
[1] مجمع الأمثال 1/265، وهو من حديث بيعة العقبة في النهاية 5/251 وفيه: «الهدم؛ بالتحريك: القبر. يعنى إني أقبر حيث تقبرون. وقيل: هو المنزل، أي منزلكم منزلي. والهدم بالسكون وبالفتح أيضا: هو إهدار دم القتيل: يقال: دماؤهم بينهم هدم: أي مهدرة. والمعنى: إن طلب دمكم فقد طلب دمي، وإن أهدر دمكم فقد أهدر دمي؛ لاستحكام الألفة بيننا» .
[2] مجمع الأمثال 2/230، والمستقصى 2/246، الصوفة: واحدة الصوف، وصوف البحر: شيء على شكل هذا الصوف الحيواني.
[3] رضوى: جبل بالمدينة.
[4] ديوان الكميت 2/14، واللسان والتاج وأساس البلاغة (هول) ، والتهذيب 6/415، والبيان 3/8، والخزانة 3/14 (بولاق) .
[5] عشي بالنار، كرضي ودعا، ساء بصره.
[6] محشته النار: أحرقته. وانظر الحاشية بعد التالية.
[7] ديوان النابغة الذبياني 102، والرواية فيه «أعددت يربوعا» ، والبيت الأول في اللسان والتاج (حوش، محش، حشا) ، والتهذيب 4/196، 5/141، والعين 3/261، والمقاييس 2/65، 5/299، والمجمل 2/68، 4/311، وبلا نسبة في الجمهرة 539.
[8] في ديوانه: «كان يزيد بن سنان بن أبي حارثة يمحش المحاش، وهم بنو خصيلة بن مرة، وبنو نشبة بن غيظ بن مرة على بني يربوع بن غيظ بن مرة رهط النابغة، فتحالفوا على بني يربوع على النار، فسموا المحاش، لتحالفهم على النار. قال الأصمعي: المحاش أربعة أحياء من فزارة

الصفحة 494