كتاب الحيوان (اسم الجزء: 3-4)
612-[أثر الريح في المطر]
وحدّثني محمّد بن سلام، عن شعيب بن حجر قال: جاء رجل على فرس فوقف بماء من مياه العرب فقال: أعندكم الرّيح الّتي تكبّ [1] البعير؟ قالوا: لا. قال:
فتذري [2] الفارس؟ قالوا: لا. قال: فكما تكون يكون مطركم.
وحدّثني العتبيّ قال: هجمت على بطن بين جبلين، فلم أر واديا أخصب منه، وإذا رجال يتركّلون على مساحيهم [3] ، وإذا وجوه مهجّنة، وألوان فاسدة فقلت:
واديكم أخصب واد، وأنتم لا تشبهون المخاصيب قال: فقال شيخ منهم: ليس لنا ريح.
613-[شعر في الخصب]
وقال النّمر بن تولب [4] : [من البسيط]
كأنّ جمرة، أو عزّت لها شبها ... في العين يوما تلاقينا بأرمام [5]
ميثاء جاد عليها وابل هطل ... فأمرعت لاحتيال فرط أعوام
إذا يجفّ ثراها بلّها ديم ... من كوكب بزل بالماء سجام
لم يرعها أحد واربتها زمنا ... فأو من الأرض محفوف بأعلام [6]
تسمع للطّير في حافاتها زجلا ... كأنّ أصواتها أصوات جرّام [7]
كأنّ ريح خزاماها وحنوتها ... باللّيل ريح يلنجوج وأهضام [8]
قال: فلم يدع معنى من أجله يخصب الوادي ويعتمّ نبته إلّا ذكره وصدق النمر!
__________
[1] تكب البعير: تقلبه «القاموس: كبّ» .
[2] ذرت الريح الشيء: أطارته وأذهبته «القاموس: ذرو» .
[3] المسحاة: المجرفة من الحديد «اللسان: سحا» .
[4] ديوان النمر بن تولب 386- 387، وديوان المعاني 2/13، والبرصان 187، وشرح الأبيات التالية في ديوانه.
[5] أرمام: جبل في ديار باهلة بن أعصر، وقيل: أرمام: واد.
[3] الفأو: قطعة من الأرض تطيف بها الجبال.
[4] الجرام: الذين يصرمون التمر، أي يقطعونه.
[5] الحنوة: نبات سهلي طيب الرائحة. اليلنجوج: عود طيب الريح، وقيل: هو الذي يتبخر به.
الأهضام: كل شيء يتبخر به.
الصفحة 61
510