كتاب الحيوان (اسم الجزء: 3-4)

بني العنبر، قال: دعوني حتى أرسل إلى أهلي ليفدوني. قالوا: على ألّا تكلّم الرّسول إلّا بين أيدينا. قال: نعم. قال: فقال للرسول. ائت أهلي فقل: إنّ الشّجر قد أورق.
وقل: إنّ النّساء قد اشتكت وخرزت القرب. ثمّ قال له: أتعقل؟ قال: نعم. قال: إن كنت تعقل فما هذا؟ قال: الليل. قال: أراك تعقل انطلق إلى أهلي فقل لهم: عرّوا جملي الأصهب، واركبوا ناقتي الحمراء، وسلوا حارثا عن أمري- وكان حارث صديقا له- فذهب الرّسول فأخبرهم. فدعوا حارثا فقصّ عليه الرّسول القصة، فقال أمّا قوله: «إنّ الشّجر قد أورق» فقد تسلّح القوم. وأمّا قوله: «إن النساء قد اشتكت وخرزت القرب» فيقول: قد اتخذت الشّكا [1] وخرزت القرب للغزو. وأما قوله: «هذا الليل» فإنّه يقول: أتاكم جيش مثل الليل. وأمّا قوله: «عرّوا جملي الأصهب» فيقول: ارتحلوا عن الصّمّان. وأما قوله: «اركبوا ناقتي الحمراء» فيقول انزلوا الدّهناء وكان القوم قد تهيّؤوا لغزوهم، فخافوا أن ينذرهم، فأنذرهم وهم لا يشعرون فجاء القوم يطلبونهم فلم يجدوهم.
617-[قصة العطاردي]
وكذلك صنع العطاردي في شأن شعب جبلة [2] ، وهو كرب بن صفوان؛ وذلك أنه حين لم يرجع لهم قولا حين سألوه أن يقول، ورمى بصرّتين في إحداهما شوك، والأخرى تراب، فقال قيس بن زهير: هذا رجل مأخوذ عليه ألا يتكلّم، وهو ينذركم عددا وشوكة [3] .
قال الله عزّ وجلّ: وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ
[4] .
618-[شعر في صفة الخيل والجيش]
قال أبو نخيلة [5] : [من الرجز]
لما رأيت الدّين دينا يؤفك ... وأمست القبة لا تستمسك
__________
[1] الشكا: جمع شكوة: وهي وعاء من أدم «القاموس: شكو» .
[2] شعب جبلة: من أيام العرب، وكان لبني عامر وعبس على أسد وذبيان. العمدة 2/203، والأغاني 11/131، ومعجم البلدان 2/104 (جبلة) .
[3] ورد الخبر في الأغاني 11/139، ومحاضرات الأدباء 1/143 (1/67) .
[4] 7/الأنفال: 8.
[5] الرجز في طبقات ابن المعتز 64، وديوان المعاني 2/116، وبلا نسبة في المخصص 7/55، والجمهرة 798.

الصفحة 64