كتاب الحيوان (اسم الجزء: 3-4)

وقال النابغة في الغزلان وأمنها، كقول جميع الشّعراء في الحمام: [من البسيط]
والمؤمن العائذات الطير تمسحها ... ركبان مكّة بين الغيل والسّعد [1]
ولو أنّ الظّباء ابتليت ممّن يتّخذها بمثل الذي ابتليت به الحمام ثمّ ركبوا المسلمين في الغزلان بمثل ما ركبوهم به في الحمام، لساروا في ذبح الغزلان كسيرتهم في ذبح الحمام.
وقالوا [2] : إنّه ليبلغ من تعظيم الحمام لحرمة البيت الحرام، أنّ أهل مكة يشهدون عن آخرهم أنّهم لم يروا حماما قطّ سقط على ظهر الكعبة، إلّا من علة عرضت له. فإن كانت هذه المعرفة اكتسابا من الحمام فالحمام فوق جميع الطير وكلّ ذي أربع. وإن كان هذا إنّما كان من طريق الإلهام، فليس ما يلهم كما لا يلهم.
وقال الشّاعر في أمن الحمام: [من الوافر]
لقد علم القبائل أنّ بيتي ... تفرّع في الذّوائب والسّنام [3]
وأنّا نحن أول من تبنّى ... بمكّتها البيوت مع الحمام
وقال كثيّر- أو غيره من بني سهم [4]- في أمن الحمام: [من الخفيف]
لعن الله من يسبّ عليّا ... وحسينا من سوقة وإمام
أيسبّ المطيّبون جدودا ... والكرام الأخوال والأعمام
يأمن الظبي والحمام ولا يأ ... من آل الرّسول عند المقام!!
رحمة الله والسّلام عليهم ... كلما قام قائم بسلام
وذكر شأن ابن الزبير وشأن ابن الحنفيّة، فقال [5] : [من الطويل]
ومن ير هذا الشّيخ بالخيف من منى ... من النّاس يعلم أنّه غير ظالم
__________
[1] ديوان النابغة الذبياني 25، والمقاييس 1/135، وفي ديوانه: (قوله «والمؤمن العائذات» يعني الله تعالى أمّنها أن تهاج أو تصاد في الحرم، والعائذات: التي عاذت بالحرم. والغيل: الشجر الملتف، وكذلك السعد) .
[2] ثمار القلوب 13 (67) .
[3] البيتان للزبير بن عبد المطلب في المؤتلف والمختلف 130- 131.
[4] الأبيات لكثير بن كثير بن المطلب السهمي في معجم الشعراء 240، ونسب قريش 60، ولكثير عزة في ديوانه 537، وثمار القلوب (678- 679) ، ولعبد الله بن كثير السهمي في البيان والتبيين 3/360، وبلا نسبة في الرسالة البغدادية 54.
[5] الأبيات لمحمد بن كثير في معجم البلدان 4/66 (عارم) ، ولكثير عزة في ديوانه 224- 225، واللسان والتاج (لزم) ، والكامل 1124، 1193 (الدالي) ، والعقد الفريد 4/413.

الصفحة 96